بعده من شعر الاحتجاج ليتفقَّهوا فيه لذاته، وإِنَّما ليَفقَهوا به القرآن والسنَّة قبل ذلك، وكان بعض العلماء مشهورًا بحفظ شواهد الشعر للاستشهاد بها على تفسير القرآن خاصةً.
وقد كان العلماء في استشهادهم بالشعر في تفسير القرآن مدفوعين إلى ذلك بتوجيهٍ من القرآن الكريم ذاته، وذلك لِمَا كرَّرَ من ذكرِ اللسانِ العربيِّ المبين، واللسانُ العربي هو الشعرُ وكُلُّ ما نَطق به أصحابُ السَّليقةِ في حَواضرِهم وبوادِيهم، وحفظُ القُرآنِ يقتضي حفظَ اللسانِ الذي نَزَلَ بهِ القرآنُ. والله سبحانَهُ لَمَّا وَصَفَ كتابه بأنَّهُ نَزَلَ ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)﴾ [الشعراء: ١٩٥]، لم يكن هذا الوصفُ مَدحًا للقُرآنِ؛ لأَنَّهُ لا يُمدَحُ بأفضلَ مِن أَنَّهُ كلامُ الله، وإِنَّما هو مَدحٌ لهذا اللسانِ العربيِّ، المُتمثِّلِ - في غالبه - في كُلِّ ما نطقَ بهَ أصحابُ السليقةِ من شِعرٍ، وفي القليل منه فيما حُفِظَ مِن نَثر العرب.
ولِما لاعتماد الشواهد الشعرية في كتب التفسير وكتب معاني القرآن وغريبه من أهمية في التفسير اللغوي رغبتُ في دراسة هذا الموضوع بعنوان: «الشاهد الشعري في تفسير القرآن الكريم» من حيث أهميتهُ، ومناهج المفسرين في الاستشهاد به، وأثرهُ في التفسير، ليكون موضوعًا لرسالة الدكتوراه في تخصص التفسير وعلوم القرآن.
• أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
١ - كثرة الشواهد الشعرية في كتب التفسير، ومعاني القرآن، وغريبه، مما جعلها تُشَكِّلُ ظاهرةً لا يُمكنُ إغفالُ دراستها، بوصفها الشاهد اللغويَّ الذي يورده المفسرون كلما احتاجوا إلى ذلك في التفسير اللغوي، مع اختلاف مناهجهم في ذلك.
٢ - أنَّ الشاهد الشعريَّ قد وُظِّفَ في مجالاتِ المعرفة المختلفة من لغةٍ