وأبا بكر الشذائي كانا يذهبان إلى أنه إخفاء وليس بإدغام، ولو كان إدغاما لذهبت الغنة بانقلاب النون إلى حرف لا غنة فيه؛ لأن حكم الإدغام أن يكون لفظ الأول من الحرفين كلفظ الثاني.
وحكى عثمان نحو ذلك عن أبي الحسن الأنطاكي وعبد الباقي، وإليه ذهب عثمان، وقال: هو قول الحذاق، والأكابر من أهل الأداء.
وكان غير هؤلاء يذهبون إلى أنه إدغام صحيح، وأن الغنة ليست في نفس الحرف؛ لأنهم قد أبدلوا حرفا لا غنة فيه، وإنما هي بين الحرفين، وليس بيان الغنة بناقض للإدغام، كما أن الروم والإشمام ليسا بناقضين للوقف، ولا رافعين لحكمه، وإلى هذا ذهب أبي -رضي الله عنه.
ذكر الإظهار:
للحروف التي أجمعوا على إظهار النون، والتنوين عندها في الانفصال، والاتصال لبعد مخارجهن:
منها حروف الحلق إلا الألف، وهي ستة: الهمزة، والهاء، والعين، والغين، والحاء، والخاء، نحو: ﴿يَنْأَوْنَ﴾ [الأنعام: ٢٦] وليس غيره، و ﴿إِنْ أَرَادُوا﴾ [البقرة: ٢٢٨]، و ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ و ﴿مِنْهُ﴾ و ﴿عَنْهُ﴾ وو ﴿جُرُفٍ هَارٍ﴾ [التوبة: ١٠٩]، و ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧]، و ﴿إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ﴾ [النور: ٣٣]، و ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، و ﴿تَنْحِتُونَ﴾، و ﴿مِمَّنْ حَوْلَكُمْ﴾ [التوبة: ١٠١]، و ﴿عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، و ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٥١]، و ﴿مِنْ غِلٍّ﴾ [الأعراف: ٤٣]، و ﴿إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا﴾ [النساء: ١٣٥]، و ﴿مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ [محمد: ١٥]، ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾ [المائدة: ٣]، و ﴿مِنْ خَيْرٍ﴾، و ﴿يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾ [الغاشية: ٢].
والاتصال في جميع الباب إنما يكون مع النون، فأما مع التنوين فلا بد من الانفصال؛ لأنه آخر الكلمة.


الصفحة التالية
Icon