والإخفاء يزيد فيما قرب من ذلك إلى النون، وينقص فيما بعد منها، وهذا قول الأهوازي وأبي عمرو وغيرهما.
والقراء بعد في تمكينه أنحاء، فمنهم من يفرط في التمكين، ومنهم من يقتصد فيه، وكان أبو القاسم شيخنا -رحمه الله- ينكر الإفراط فيه إنكارا شديدا.
فأما الإظهار عند هذه الحروف، فقد قال أبو عثمان المازني: إنه لحن، ومخرج النون والتنوين من الخيشوم، وقد مر ذلك.
والإخفاء حال بين الإظهار والإدغام، ونص جميعهم على أنه لا تشديد فيه، إلا الأهوازي فإنه كان يقول: كما أن المظهر مخفف والمدغم مشدد، فكذلك المخفى بين التشديد والتخفيف، إذ هو رتبة بين الإظهار والإدغام، وغلّط من قال: إن المخفى بين مخفف، وزعم أنه خلاف لقول من مضى.
ولا أرى الأهوازي إلا واهما؛ لأن التشديد إنما وجب في الإدغام لما أرادوا من أن يكون الرفع بالمثلين واحدا، ولا تماثل في الإخفاء، ألا ترى أن مخرج النون المخفاة غير مخارج هذه الحروف التي تخفى النون عندها، كما هي في الإظهار كذلك، فيجب أن يكون حكمها من التخفيف حكم الإظهار، والله أعلم.
وقد بقي من حروف المعجم حرفان، وهما الألف والنون.
فأما الألف فلا دخول لها في هذا الباب لسكونها، وأما النون فلكونها مثلا عُلِمَ أنه لا بد لها عند لقاء النون والتنوين لها من إدغامه فيهما، فلم يكن لذكرها معنى،..... أن كثيرا من القراء يذكرونها، ويجمعون الحروف المدغم فيها النون والتنوين.....:"يرملون". وكان أبو علي الأنطاكي، فيما حدثنا أبو داود عن أبي عمرو يزعم أن "يرملون" جمع المدغم والمدغم فيه، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon