والضرب الثاني: التنوين في المعتل المنصرف نحو: "قرى، وغزى، وفتى، ومصلى، ومسمى، ومفترى" ونحوه حيث كان في حال الرفع والنصب والجر، فهذه الأسماء المقصورة لحق لامها الإعلال الذي بين النحويون من انقلابه ألفا، ياء كان أو واوا، لانفتاح ما قبله، ولحقها التنوين فحذفت الألف في الوصل لالتقاء الساكنين، فصار الاسم في الأحوال الثلاث على صورة واحدة نحو: ﴿وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ﴾، و ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ [سبأ: ١٨]، و ﴿فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ﴾ [الحشر: ١٤] وشبهه.
فإذا وقفت، وقفت على الألف التي هي حرف الإعراب في قول الخليل وسيبويه؛ لأن التنوين يسقط في الوقف؛ لأنه ليس من مواضعه، قاله لي أبي -رضي الله عنه.
وقد قال لي قبل ذلك: إن التنوين في هذه الأسماء المقصورة يبدل ألفا في الأحوال الثلاثة؛ لأنه فيها مجتمع أبدا مع فتحة، والفتحة توجب البدل لا الحذف، كانت إعرابا أو بناء، فإذا وجب إبدال التنوين ألفا اجتمع في الوقف ألفان، المبدلة والمنقلبة، فوجب حذف إحداهما لالتقاء الساكنين، فقال الخليل وسيبويه: المحذوف الألف الثانية، والاسم متمَّم في الوقف، وقد رجع إليه ما ذهب منه في الوصل.
وقال أبو عثمان وأبو الحسن: الذاهبة الأولى دون الثانية، على أصلهم في: مقول ومبيع، والحذف محمول على التحريك، فإذا كان في موضع يجب فيه تحريك الثاني وجب فيه حذف الثاني، وذلك فيما كان فيه التقاء الساكنين في كلمة واحدة، وإذا كان الساكن الأول هو الذي تحرك كان هو الذي يحذف، وذلك فيما التقى فيه الساكنان من كلمتين.
وقد خلط أبو الحسن وأبو عثمان في هذا، فحملا ما كان من كلمة على ما كان من كلمتين، فتقف على قولهما، في الأحوال الثلاثة على الألف المبدلة من التنوين.
قال أبو جعفر: وذهب أبو علي الفارسي إلى اعتبار المعتلّ بالصحيح، فقال: