ذكر الضرب الثاني من القسمة الأولى، وهو الهمزة الساكنة:
لا تخلو الهمزة الساكنة من أن تلاقي همزة أخرى أو لا تلاقي.
فإن لقيتها همزة فلا بد أن تكون تلك الهمزة متحركة؛ لأن ساكنين لا يجتمعان، "يعني في الهمز" ولا تخلو أن تكون بعد الساكنة أو قبلها، فإن كانت بعدها لزمها الإدغام إذا كانت عينا، نحو: "رأس، وسأل" ولم يجئ ذلك في كتاب الله تعالى.
وفي المنفصل "اقرأ إنا أنزلناه" "اقرأ إنا فتحنا لك" الوجه التخفيف في الأولى.
وذكر الأهوازي فيه وجهين: الإظهار والإدغام، ويعني بالإظهار التحقيق، وهو الوجه والجيد فيه، ولم يجئ هذا أيضا في القرآن.
فإن كانت قبلها لزم الساكنة التخفيف بالبدل على حركة ما قبلها.
إن كانت مضمومة قلبت واوا نحو ﴿أُوتِيَ﴾، و ﴿أُوتُوا﴾ وكذلك ﴿اؤْتُمِنَ﴾ [البقرة: ٢٨٣] في الابتداء؛ لأن الساكنة التي هي فاء الفعل لقيتها المتحركة التي للوصل، فأبدلت واوا١.
وإن كانت مكسورة قلبت ياء نحو:
"إِيمان"، و ﴿إِيتَاءِ﴾ وكذلك ﴿ائْذَنْ لِي﴾ [التوبة: ٤٩] في الابتداء، و ﴿ائْتِنَا﴾ ٢.
وإن كانت مفتوحة قُلبت ألفا نحو "آدم، وآمن، وآخر، وآل لوط".
وهذا إجماع من القراء والنحويين، إلا ما ذكر سيبويه عن عبد الله بن أبي إسحاق، وقد حكيناه في الإدغام.
وإلا ما ذكر الأهوازي وغيره عن خلف عن الكسائي أنه أجاز الابتداء بقوله تعالى: ﴿اؤْتُمِنَ﴾ [البقرة: ٢٨٣] بهمزتين، قال: وهذا شيء لا يعوَّل عليه.
٢ لكسر همزة الوصل ابتداء.