والظاهر أن زيادة المد الثابت عن أهل مصر على خلاف ما سواهم عليه من ترك الزيادة. والذي أختاره الزيادة في مد ذلك وإشباعه من غير إفراط ولا خروج عن حد كلام العرب، فأتبع القوم على ما رووا عن صاحبهم، ويكون ذلك أعون على التمطيط والتجويد الذي نلتزمه، ولا أخرج مع ذلك عن الاستناد إلى علة مجوزة لذلك.
وتلك العلة ما ذكره لي أبي -رضي الله عنه- وأملاه علي فقال: إنما أشبع ورش المد في حرف المد بعد الهمزة في "آمن، وأوتي، وإيمان" إتباعا لإشباع مد حرف المد إذا كانت بعده الهمزة في ﴿جَاءَ﴾، و ﴿لِيَسُوءُوا﴾ [الإسراء: ٤]، و ﴿تَفِيءَ﴾ [الحجرات: ٩] وذلك لأن المد إنما يستعمل وصلة إلى اللفظ بالهمزة؛ لأن المد ينتهي به إلى مخرج الهمزة فيسهل النطق به، وإذا تقدمت الهمزة فقد حصل النطق بها، ولم يحتاجوا إلى مد يوصل، فكان ذلك المد لمجرد الإتباع لا لعلة موجبة، والاعتلال بالإتباع في كلامهم كثير.
قال: وما خرج عن هذا فهو استثناء من هذا الأصل، ورجوع إلى لغة من لم يتبع "كالقرآن، والظمآن" ونحوه.
الأصل الثاني: الياء والواو إذا انفتح ما قبلهما، وأتى بعدهما همزة في كلمة واحدة، ويسميها القراء حرفي اللين نحو "شيء، وشيئا، وكهيئة، واستيئسوا، وسوأة أخي، وسوآتكم، وسوآتهما" وشبهه.
فكانوا يأخذون لورش بزيادة التمكين للمد في ذلك، فمنهم من يفرط، ومنهم من يتوسط، واستثنوا من ذلك ﴿مَوْئِلًا﴾ [الكهف: ٥٨]، و ﴿الْمَوْؤُودَةُ﴾ [التكوير: ٨] فلم يزيدوا في تمكينه، زاد أبو محمد مكي وغيره "سوآتكم، وسوآتهما" قال: يمد ما بعد الهمزة ولا يمد ما قبلها.
وكان أبو عدي، فيما حكى عنه أبو الفضل الخزاعي، يمد ما جاء من لفظ "شيء، وشيئا" فقط غير مفرط فيه١، ويقصر فيما سوى ذلك، وهي رواية