قال أبو جعفر: والاختيار عند أهل الأداء قديما وحديثا الأخذ بالروم والإشمام لجميع القراء، ويعتلون لاختيار ذلك بما ذكر خلف، وهو اختيار ابن مجاهد، كما أخبرني أبو القاسم، عن أبي معشر، عن الجرجاني، عن الخزاعي.
وأخبرني أبو الحسن بن كرز عن ابن عبد الوهاب قال: قال لي أبو علي الأهوازي: كان ابن مجاهد يختار الإشارة في حال الوقف في المرفوع والمجرور، وبه كان يأخذ للجماعة، وهو اصطلاح من علماء المقرئين.
قال أبو جعفر: والقراء يُؤْثرون الروم على الإشمام لأنه أبين منه، وهم مجمعون على الأخذ في المنصوب غير المنون بالإسكان لا غير.
وعلى ذلك جاءت حكاية خلف، وهو قول أبي حاتم فيما حكاه لنا أبي -رضي الله عنه- وحكاه أيضا عنه الخزاعي.
وقرأت على أبي الحسن بن كرز عن ابن عبد الوهاب قال: حدثني أبو علي الأهوازي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أحمد، وأبو بكر محمد بن عمر المقرئان، عن أبي بكر أحمد بن نصر الشذائي، عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال: إذا أدغم أبو عمرو الحرف في مثله أو فيما قاربه أشار إلى إعراب المدغم في موضع الرفع والخفض، ولا يشير في موضع النصب لأنها غير جائزة.
فسمعت أبي -رضي الله عنه- يقول: النحويون على خلاف ذلك؛ لأن الروم لا يرفع حكم السكون لما فيه من حذف بعض الحركة في الوقف، فلا يمتنع أن يكون الفتح كغيره، وإنما فرق سيبويه بين النصب والرفع والجر في الوصل، فذكر أنهم يشبعون الضمة والكسرة، ويمطِّطون فيقولون: يضربها، ومن مأمنك، قال: وعلامتها واو وياء، ويختلسها بعضهم اختلاسا فيقولون: يضربها، ومن مأمنك، يسرعون اللفظ. قال: ولا يكون هذا في النصب؛ لأن الفتحة أخف عليهم، يعني أن خفتها مشبعة تغني عن تخفيفها بالاختلاس، وروم حركة النصب ليس للتخفيف، إنما هو للدلالة على تحرك الحرف في الوصل.
وحكى الأهوازي عن الشذائي، وحكاه الخزاعي عن بعض المتقدمين، ولم