وما روي عن أبي عمرو كان أشبه بالكسائي؛ لأنها عند الفراء محذوفة من "ويلك".
قال سيبويه: "وأما المفسرون فقالوا: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ﴾ "، ولعل أبا عمرو تلقى قول المفسرين على ما رواه في الوقف على الكاف، مع أنه لا يظهر من قول المفسرين أحد الوجهين، وإنما هو تفسير المعنى مجردا من أحكام اللفظ.

باب ما لا تجوز فيه الإشارة:


لا تجوز الإشارة في الحركة العارضة، وهي حركة التقاء الساكنين نحو:
﴿عَصَوُا الرَّسُولَ﴾ [النساء: ٤٢]، و ﴿اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ﴾ [البقرة: ١٦، ١٧٥]، و ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ﴾ [عبس: ٢٤]، [والطارق: ١٥]، و ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البينة: ١]، وكذلك حركة الهمزة المنقولة إلى ساكن قبلها من كلمة أخرى على قراءة ورش نحو: ﴿وَقَالَتْ أُولاهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٩]، و ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٨]، و ﴿وَانْحَرْ، إِنَّ﴾ [الكوثر: ٢، ٣]، و ﴿فَلْيَكْفُرْ إِنَّا﴾ [الكهف: ٢٩] لأن أواخر هذه الكلم وأشباهها ساكنة، وإنما حُرِّكت لالتقاء الساكنين أو النقل، وكلاهما عارض في الوصل، زائل في الوقف، فلا تتقدر فيها إشارة.
فأما إن كان نقل حركة الهمزة في كلمة نحو "دفء، وجزء، وملء" على قراءة حمزة وهشام فالإشارة جائزة في الحرف المنقول إليه حركتها؛ لأن السكون في فاء "دفء" وشبهه للوقف، فهو عارض على الحركة، وليس هذا مثل ﴿وَانْحَرْ، إِنَّ﴾ لأن الهمزة هنا لازمة لكونها في كلمة، فالحركة إذًا لازمة.
فأما ﴿يَوْمَئِذٍ﴾، و ﴿حِينَئِذٍ﴾ حيث وقعا فذهب أبو محمد مكي إلى أن الإشارة ممتنعة، قال: لأن التنوين الذي من أجله تحركت الذال يسقط في الوقف، فترجع الذال إلى أصلها وهو السكون، فهذا بمنزلة ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وشبهه.
قال: وليس هذا مثل "غواشٍ، وجوارٍ" وإن كان التنوين في جميعه دخل عوضا من محذوف؛ لأن التنوين دخل في هذا على متحرك، فالحركة أصلية، والوقف


الصفحة التالية
Icon