الميم إذا احتِيج إلى تحريكها لالتقاء الساكنين عادت إليها حركة أصلها، فمن قال: "عليهُمُ الذلة" [البقرة: ٦١]، [وآل عمران: ١١٢] فعلى لغة من قال: "عليهمو" ومن قال: "عليهِمِ الذلة" فعلى لغة من قال: "عليهمي" وهذا المعنى هو المانع من نقل حركة الهمزة إليها، وقد تقدم ذكر ذلك.

باب الإشمام المتحرك:


اختلفوا في إشمام المتحرك في أصل مطرد، وهو ما جاء من الفعل المعتل العين المبني للمفعول، وذلك ستة أفعال وهي "قيل، وغيض، وحيل، وسيق، وجيء، وسيء، وسيئت" حيث وقعن.
فقرأ الكسائي وهشام بإشمام الضم في أوائلها حيث وقعت.
وقرأ ابن ذكوان بالإشمام في "حيل، وسيق، وسيء، وسيئت" فقط.
وقرأ نافع بالإشمام في "سيء، وسيئت" فقط.
الباقون بغير إشمام.
وحقيقة الإشمام في هذه الأفعال أن ينتحى بكسر أوائلها انتحاء يسيرا نحو الضمة، دلالة على أن أصلها "فُعِل" كما ينتحى بألف "رمى" نحو الياء، دلالة على أنها منقلبة منها، فهو مسموع كالإمالة، بخلاف الإشمام في الحرف الموقوف عليه.
وقد أجاز أبو محمد مكي أن يكون الإشمام في أوائل هذه الأفعال قبل اللفظ بالحرف، وحسن ذلك في المنفصل نحو "سيء، وسيئت" فإن كان متصلا نحو: "وقيل، وحيل" لم يكن هذا الوجه عنده كحسنه مع المنفصل، وذلك أن الإشمام قبل الحرف غير مسموع فلا يتأتى في الابتداء؛ لأنه يضم شفتيه ساكتا قبل أن يشرع في التكلم، فإذا شرع في التكلم كان الإشمام قبل الحرف رجوعا إلى بعض السكوت، فلم يتمكن تمكنه في الابتداء.


الصفحة التالية
Icon