الأخذ لهم بالترتيل أكثر استيثاقا لمخارج الحروف وصفاتها من الأخذ بالحدر أو التوسط، والكل غير خارج عن حد التجويد إلى الإخلال بالحروف.
ولذلك ما وجدنا أهل الأداء ربما أخذوا لمن مذهبه الترتيل بالحدر، ولمن مذهبه الحدر بالترتيل. هذا أبو عمرو١، على ما تقرر من أخذه بالإدراج وإيثاره التخفيف، قد أخذوا له بالتحقيق.
حدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن كرز قراءة مني عليه قال: حدثني أبو القاسم بن عبد الوهاب قال: سمعت أبا علي الأهوازي يقول: سمعت أبا الحسن العلاف البصري يقول: قرأت لأبي عمرو باشتقاق التحقيق بعد قراءتي لحمزة على أبي الطيب الإصطخري خمسا وثلاثين ختمة، وختمة إلى آخر رأس الجزء من "سبأ"، ومات الشيخ -رحمه الله- فتممتها على قبره.
واشتقاق التحقيق مرتبة جعلها الأهوازي زائدة على مرتبة التحقيق في أقسام قسّم إليها وجوه القراءة، سنذكرها على ما حكي لنا عنه، إن شاء الله.
وهذا حمزة، على ما ثبت من أخذه بالتحقيق والتصعيب على القارئ عليه حتى ناله في ذلك ما نال، قد أخذ له غير واحد من البغداديين بالحدر.
وقد قرأنا له بالحدر، فلولا استواء الحدر مع الترتيل في حصول التجويد ما كان ذلك.
فأما الأقسام التي ذكرها الأهوازي: فحدثني أبو الحسن بن كرز بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو القاسم بن عبد الوهاب، قال لي شيخنا الأهوازي: اعلم أن القرآن يُقرأ على عشرة أضرب: بالتحقيق، وباشتقاق التحقيق، وبالتجويد، وبالتمطيط، وبالحدر، وبالترعيد، وبالترقيص، وبالتطريب، وبالتلحين، وبالتحزين.
قال الأهوازي: سمعت جماعة من شيوخي يقولون: لا يجوز للمقرئ أن يقرئ منها بخمسة أضرب: بالترعيد، والترقيص، والتطريب، والتلحين، والتحزين.
وأجازوا الإقراء بالخمسة الباقية، إذ ليس للخمسة أثر، ولا فيه نقل عن أحد من

١ ابن العلاء البصري.


الصفحة التالية
Icon