وكذلك عند سائر حروف المعجم سوى مثلها، لا يجوز الإدغام في شيء من ذلك.
والميم لا تدغم في مقاربها لما ذكرناه من المزية بالغنة، ويدغم مقاربها فيها.
ومن ذلك القاف عند الكاف، والكاف عند القاف: البيان والإدغام جائزان عند البصريين فيهما، فالإدغام لتقاربهما في المخرج، والإظهار لاختلاف الصفتين؛ لأن القاف مجهورة، والكاف مهموسة، فالكاف عند القاف نحو: انهك قطنا، ولا أعلمه جاء في القرآن.
والقاف عند الكاف موضع واحد، وهو قوله -عز وجل- في المرسلات:
"ألم نخلقكُّم من ماء" [المرسلات: ٢٠].
وذكر أبو علي الأهوازي إظهار القاف في "الإيضاح"، وأنه قرأ لابن جماز عن نافع:
﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ﴾ بإظهار القاف.
وصار أهل الأداء بعدُ١ لسائر القراء فيه فرقا ثلاثا؛ ففرقة ذهبت إلى الإدغام البتة وإذهاب الصوت، وهو مذهب ابن مجاهد، وأبي الحسن الأنطاكي، وأبي الحسن الحوفي، وأبي عمرو عثمان بن سعيد.
فحدثنا أبو داود قال: حدثنا أبو عمرو قال: قال ابن مجاهد في كتاب "قراءة نافع": وما ذكر بعض الرواة عن نافع من إظهار قاف ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ﴾ يريد بيان قلقلتها، كبيان إطباق الطاء إذا أدغمت في التاء، فلا عمل عليه لذهاب الجهر الذي في القاف "يريد" بالقلب والإدغام.
قال أبو جعفر: حمل ابن مجاهد رواية ابن جماز على أنه لا يراد بها الإظهار المحض، وهو خروج عن الظاهر من غير ضرورة إلى ذلك.
وحدثنا أبو الحسن بن كرز، حدثنا أبو القاسم بن عبد الوهاب، حدثنا الأهوازي

١ أي: بعد ذلك، فالدال مضمومة.


الصفحة التالية
Icon