فأما لام "بل" عند الراء، نحو: ﴿بَلْ رَبُّكُمْ﴾ [الأنبياء: ٥٦] فهو مدغم عند الجميع إلا ما روى أبو سليمان عن قالون أنه أظهره، ونذكر مذهب حفص في ﴿بَلْ رَانَ﴾ [المطففين: ١٤] في موضعه.
ومن ذلك اللام الساكنة عن حركة عند النون نحو: جعلنا، وأرسلنا، وبدلنا، و ﴿يُبَدِّلْ نِعْمَةَ﴾ [البقرة: ١١٢]، و ﴿فَيَظْلَلْنَ﴾ [الشورى: ٣٣] ونحوه حيث وقع.
لا خلاف بينهم في إظهارها عندها، ويختلف بعض القَرَأَة١ في صورة اللفظ بها، فمنهم من يجوده، وينطق بالساكن مظهرا على واجبه من غير إفحاش، ومنهم من يعنف في ذلك إرادة إشباع الإظهار، فربما حرك اللام وأحدث حرف مد قبلها، وذلك لحن جلي، ومنهم من يدغم، وذلك أيضا لحن.
ومن ذلك دال "قد" وذال "إذ" وتاء التأنيث عند ما عدا الحروف التي اختلفت القراء في إظهارها وإدغامها، هن مظهرات عندهن.
وهذا كافٍ في هذا الباب، من علمه قاس عليه ما لم أذكره إن شاء الله.

١ أي: بعض القراء.

شرح الثالث: الذي يجوز فيه الإظهار والإدغام
هو ما حصلت فيه علة كل واحد منهما، من البعد والقرب، فقد يكون الإدغام في العربية أوجه، وقد يكون الإظهار أوجه، وقد يكونان متساويين على قدر القرب والبعد. وهذا الباب طريقه الرواية، وإنما يرتدف التعليل على مروي، وهو ينقسم عند القراء قسمين: إدغام كبير، وإدغام صغير.


الصفحة التالية
Icon