وقَرَن التسبيح والتحميد باسم الرب وصفة الربوبية تذكيراً بنعمه عز وجل، وهو أنه هو المربي بنعمه.
قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾.
كان: مسلوبة الزمان، أي: كان ومازال سبحانه وتعالى تواباً.
و ﴿تَوَّاباً﴾ : اسم من أسماء الله عز وجل على وزن فعّال، صفة مشبهة، أو صيغة مبالغة، يدل على أنه عز وجل من صفته التوبة الواسعة الكثيرة العظيمة، فهو كثير التوفيق لعباده للتوبة، كثير القبول لتوبة من تاب منهم.
وتوبة الله على العبد تنقسم إلى قسمين: توفيقه عز وجل للعبد أن يتوب، كما قال عز وجل عن الثلاثة الذين خلفوا ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا﴾ ١ أي: وفقهم للتوبة ليتوبوا، والقسم الثاني. قبوله توبة عبده إذا تاب، كما قال عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ ٢.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى رسول الله ﷺ بعد إذ أنزلت عليه سورة ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إلا يقول: فيها: “سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي” ٣.
وعنها قالت: “كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: “سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي” يتأول القرآن “٤.

١ سورة التوبة، آية: ١١٨.
٢ سورة الشورى، آية: ٢٥.
٣ أخرجه البخاري في التفسير، تفسير سورة ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ ٤٩٦٧، ومسلم في الصلاة ٤٨٤.
٤ أخرجه البخاري في التفسير، تفسير سورة ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ ٤٩٦٨، ومسلم في الصلاة، ما يقال في الركوع والسجود ٤٨٤، وأبوداود في الصلاة ـ الدعاء في الركوع والسجود ٨٧٧، والنسائي في التطبيق ١٠٤٧، وابن ماجه في إقامة الصلاة ـ التسبيح في الركوع والسجود ٨٨٩، وأحمد ٦/٤٣، ٤٩، ١٩٠. ومعنى (يتأول القرآن) أي: يرى أن ذلك معنى قوله ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ﴾ وعملا بمقتضاه.


الصفحة التالية
Icon