فإن الإنسان يؤجر حتى على ما يجعل في في امرأته١.
وإن كنت ممن نعمّه الله ووسع له في رزقه فاحذر أن تبطرك النعمة وتلهيك الدنيا عن طاعة الله عز وجل، وفرغ نفسك بعض الوقت لعبادة ربك والاستزادة من نوافل العبادة، واحرص على ذلك كلما تقدم بك العمر، وخذ أكبر نصيب من ربك، واحفظ دينك، وقدم مالك وقاية لدينك، فإن كان لك أموال تشغلك إدارتها، من تجارة، أو زراعة، أو صناعة، أو غير ذلك فشجع أولادك على مساعدتك، بل وعلى النيابة عنك لتتفرغ لما هو أهم وهو عبادة ربك، ولا تبخل على أولادك في هذا ولوشاطرتهم بعض مالك، فالمال إن بخلت به عنهم شغلك عن طاعة الله حتى آخر لحظة من عمرك، ثم تركته وانتقل بعدك إليهم، بل لا تبخل بمالك على من تقيمه يدير أعمالك وإن لم يكن من أولادك مادام أنه يكفيك إدارة تلك الأموال لتتفرغ لعبادة ربك بقلب حاضر خاشع منيب.
واعلم أن الدنيا بما فيها لا قيمة لها إذا ضيعت نصيبك من ربك، والله المستعان.
وختاماً أقول: أخي المسلم تذكر أن المفازة بعيدة، وأن السفر شاق وأن العقبة كؤود فأعد للأمر عدته.
بكى أبو هريرة رضي الله عنه لما حضرته الوفاة، ثم قال رضي الله عنه: “والله ما أبكي على دنياكم هذه، وإنما أبكي على طول سفري وقلة زادي”٢.
وبكى معاذ بن جبل رضي الله عنه عند وفاته، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال رضي

١ كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال له: "وإنك لن تنفق نفقه تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك" أخرجه البخاري في الوصايا ٢٧٤٢، ومسلم في الوصية ١٦٢٨.
٢ انظر (سير أعلام النبلاء) ٢/٤٠.


الصفحة التالية
Icon