تترجم رسالته (معانيه) بلغة معبرة ومفهومة لقوم كالغربيين لا يعرفون العربية البتة وكمعظم المسلمين غير العرب الذين لا تسعفهم حصيلتهم من العربية إلى أن يجدوا سبيلهم إلى القرآن دون مساعدة١.
إن واجب المسلمين تجاه العالم اليوم لأكبر من أن يؤدى بمجرد ترجمة القرآن وإنما يحتاج لمجهود أكبر من ذلك، فهو عالم حائر يتخبط ذهبت به المادة مذاهب ليس فيه المزيد من القوى لتحملها كما لم يعد في المادة نفسها مزيدا من البريق والجاذبية لتلهيه وتجذبه... فضل أيما ضلال فما على المسلمين إلا أن يقدموا له الإسلام حيا يسعى بأعمالهم قبل أقوالهم.
ولكي يتسنى للمسلمين أن يضطلعوا بهذا الدور الكبير والخطير لابد من أن يحرروا له فكرهم من معتقلات عصر الجمود الطويل ومن شعاراته التي تقول: ليس في الإمكان أحسن مما كان هذا وأن التحرر الفكري للاجتهاد العصري لن يتم بمجرد الوعي بأهميته وإنما لابد له من فهم واسع وعميق للشريعة واستخدام صحيح للطبيعة على ضوئه، إذا لن يتأتى إسهام فكري وعلمي جديد ذو شأن في هذا العصر إلا كان ناتجه رائدا على ناتج المعدلات الفكرية والعلمية الحاضرة والمتصوِرة. وحيث أن المعدلات الراهنة تتنافس في حيز ضيق في القمة، فدربها قد أصبح مسدودا لكل طامح. ولا يلوح في الأفق فكر - سوى الإسلام - يمكن أن يأتي بمعدلات جديدة. وذلك لما فيه من إمكانية التزاوج بين علوم الشريعة والطبيعة بما يحقق التكامل الفطري الذي يفتقده الإنسان المعاصر، لأن الحضارة المادية سلبته جل مقوماته الروحية، وأي تصحيح لها من داخَله سيقلب كفة الميزان على غير هدى كما نشاهده في حركات الرفض الغربية والتصوف الإسلامية والرهبنة النصرانية، وما يرشح الإسلام للقيام بهذا الدور هو قدرته على الاحتفاظ بكَفتي الميزان في اعتدال، ومن هنا يأتي الإسهام بمعدلاته الجديدة الكاسحة إن شاء الله - فقد يتطلب الأمر من المسلمين فهما للإسلام أكثر إحاطة وعمقاً لكل من علم الوحي المنزل – الشريعة - وعلم الكون المفتوح- الطبيعة- ومن ضمن ما ينبثق عن علم الوحي الاستخدام الصحيح لعلم الطبيعة حتى يتم التزواج بين العلمين في اتساق وانسجام ليعطي كفاية إنتاجية عالية، لأن تفجير طاقات الإنسان بواسطة هذا التزاوج الواعي يفوق كل أسباب الدفع والحوافز الحالية، بل إنها جميعا كسر صغير من أسباب الدفع الديني في الحياة تحت ظل العقيدة الإسلامية.

١ الترجمة بتصرف. ١


الصفحة التالية
Icon