١- من حيث أن القرآن مؤلف من النظم العربي والمعنى معاً فمذهب أبي حنيفة ذلك كمذهب الجمهور.. حتى أن أبا حنيفة يعد كافرا كل من أنكر أن القرآن غير النظم العربي والمعنى معا.
٢- مع ذلك لم يجعل أبو حنيفة نظم القرآن ركناً لازماً بالنسبة للصلاة خاصة وذلك في تقديره لأن قراءة القرآن في الصلاة مبنية على شيء من التوسعة.. ومقصودها مناجاة الله.. وفوق ذلك فقد جعلت القراءة فيها على التيسير:
أ- لقوله تعالى: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ (المزمل: ٢٠).
ب- ولسقوط القراءة عن المأموم بتحمل الإمام وبسقوطها بخوف فوات الركعة.. في حين أن هذا لا يجوز في سائر أركانها.
٣- لكل ذلك جوز الإمام الاكتفاء في الصلاة بأداء الركن الأصلي من قراءة القرآن وهو المعنى الذي تتحقق به المناجاة.. ودليل ذلك أن القرآن نزل ابتداء بلغة قريش فلما شق على غير القرشيين من العرب رخص في قراءته باللغات السبع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف" فلما جاز للعربي أن يدع لغة قريش إلى لغته مع قلة الكلفة جاز من باب أولى لغير العربي أن يدع العربية لعجزه عنها والاكتفاء بالمعنى القرآني الذي هو المقصود.
٤- فالعدول إذن عن النظم العربي إلى الترجمة إنما هو رخصة كالمسح على الخفين والقصر في حال السفر.
٥- قصر الأحناف الرخصة على الصلاة خاصة ولا يصح عندهم تجاوزها إلى غيرها.. حتى أن أبا حنيفة حرم مداومة قراءة الترجمة في الصلاة نفسها.
٦- وفوق ذلك قيدت صحة الصلاة بالترجمة على اللغة الفارسية، لأنها كما يزعمون قريبة من فصاحة العربية.
٧- ورغم كل القيود السابقة فقد صح عن أبي حنيفة عدوله عن جواز القراءة في الصلاة بترجمة القرآن.. وبذلك يصبح الخلاف حول صحة الصلاة بالترجمة مجرد تاريخ يحكى على ما عليه الفتوى في المذهب الحنفي.
ويبسط الإمام عبد العزيز البخاري ثم يبرر ويوجه ما روي عن أبي حنيفة في هذا الخصوص ثم يقرر عدوله عن ذلك الرأي من خلال تعليقه على تعريف اليزدوي السابق للقرآن كالآتي: