وإن كان عاجزاً وإن كان خارج الصلاة فلا يمتنع عليه القراءة بلسانه لأنه معذور، وبه حاجة إلى حفظها يجب فعلا وتركا، وإن كان داخل الصلاة فقد جعل الشارع له بدلا وهو الذكر وكل كلمة من الذكر لا يعجز عن النطق بها من ليس بعربي فيقولها ويكررها فتجزئ عن الذي يجب عليه قراءته في الصلاة حتى يتعلم، وعلى هذا فمن دخل في الإسلام أو أراد الدخول فيه فقرئ عليه القرآن فلم يفهمه فلا بأس أن يعرب له لتعريف أحكامه أو لتقوم عليه الحجة فيدخل فيه"١.
والقياس الذي عقده الأحناف لصحة القراءة بالترجمة في الصلاة على صحة القراءة بالأحرف السبعة هو قياس مع الفارق الكبير كما لا يخفى.. ذلك لأن العدول عن لغة قريش إلى أي لغة أخرى عربية لا يخرج القرآن عن عربيته.. ومع ذلك فهذه رخصة بموجب النص استثناء وما شرع رخصة واستثناء لا يصح القياس عليه كما هو مقرر في الأصول.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا أرى وجهاً لإلزام المرء بالصلاة من قبل أن يتعلم من القرآن والأحكام القدر الضروري لأداء الصلاة.. والصورة الوحيدة التي يمكن إلزامه بها إنما في الجماعة ما تيسر، ولا وجه لإلزامه بالصلاة لأنها كغيرها من الأحكام بنيت على أركان وشروط فما لم تكتمل الأركان وتحقق الشروط لا تتوفر لها أسباب الأداء بالأصالة.. ويقول تعالى: ﴿فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآن﴾ ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لا يقرأ فاتحة الكتاب.." فما لم يستطع الإنسان أن يحفظ بفاتحة الكتاب أو أي جزء منها لا تلزمه الصلاة ما لم يفرط وإن فرط أثم على تفريطه.
وبما أن الصلاة أصلا هي الصلة بين العبد وربه فللمرء مندوحة في أن يأتي بأسباب هذه الصلة الكثيرة والمتعددة الأوجه كالدعاء والذكر والتفكير.. دون الصلاة التي شرعت بكيفية وهيئة معلومتين فلا تؤدى إلا وفقا لتلك الهيئة أو وفقا للرخص المعلومة.. والتيسير الذي ذكره الله بالنسبة للقراءة في الصلاة هو متسق مع مبادئ الشريعة العامة في رفع الحرج عن العباد ولكن لا يمكن أن يستقل ذلك لإلغاء نظمه ركنية النظم العربي للقرآن.. وعلى المرء أن يحرص كل الحرص ويجند كل طاقاته لتعلم الفاتحة وغيرها من السور والأحكام حتى ينتظم في أداء هذا الركن الركين من الدين الإسلامي ألا وهي الصلاة.
ويؤيد رأي الجمهور أن علماء الحنفية أنفسهم حاروا في توجيه المسألة المنسوبة لإمامهم قال عبد العزيز البخاري: "فإن قيل لما جاز الاكتفاء بالمعنى عنده في الصلاة من غير عذر