ومن ناحية أخرى ذهب الأكثرون إلى القول بجواز بل بضرورة ترجمة القرآن لنقل روح وأهداف القرآن - ما أمكن - لمن لا يحسنون أو لا يعرفون اللغة العربية.
وحيث أن الأحناف قالوا بصحة تلاوة ترجمة القرآن في الصلاة فهم ومن باب أولى يجوزون ترجمته باعتبارها تفسيرا ونقلا لمعاني وأحكام القرآن.
كذلك أورد الإمام البخاري في صحيحه ما يدل على صحة ترجمة القرآن قياساً على صحة ترجمة غيره من كتب الله، وقد بنى على ذلك الفهم الإمام ابن حجر - في شرحه لصحيح البخاري - جواز ترجمة القرآن.
تحت باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها لقوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. أورد البخاري الآتي.
وقال ابن عباس: أخبرني أبو سفيان بن حرب: أن هرقل دعا ترجمانه ثم دعا بكتاب النبي ﷺ فقرأه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد... فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون".
وعن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل... " الآية.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما "أتى النبي ﷺ برجل وامرأة من اليهود قد زنيا فقال لليهود: ما تصنعون بهما؟ قالوا: نسخم وجوههما ونخزيهما. قال: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين. فجاءوا وقالوا لرجل ممن يرضون أعور: أقرأ فقرأ حتى انتهى إلى موضع منها فوضع يده عليه قال: ارفع يدك. فإذا فيه آية الرجم تلوح فقال: يا محمد إن عليهما الرجم ولكنا نتكاتمه بيننا. فأمر بهما فرجما، فرأيته يجافى عليهما الحجارة" ١.
في تعليقاته على هذه الأحاديث يقول ابن حجر: والحاصل أن الذي بالعبرية يجوز التعبير عنه بالعربية وبالعكس، وهل يتقيد الجواز بمن لا يفقه ذلك اللسان أو لا؟ الأول قول الأكثر قوله: ﴿فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ..﴾ وجه الدلالة أن التوراة بالعبرية وقد أمر تعالى أن