أولاً: مناسبة تسبيح الله ذاته لما قبله من الآيات.
- في مناسبة مجيء تسبيح الله ذاته الكريمة-ههنا- وجهان ذكرهما المفسرون: وجه نُظِر فيه إلى مجمل سورة الصافات حيث جاء التسبيح في خاتمتها، ووجه روعي فيه النظر إلى أقرب الآيات مكاناً لآية التسبيح. وكلا الوجهين هما في محلّ الاعتبار.
- أمّا بالنظر إلى أقرب الآيات فوجهه: أنّه بعد أن أمر الله تعالى رسوله محمداً ﷺ بالإعراض عن المشركين والإغماض عمّا يصدر منهم من الجهالات والضلالات ومنها ما ادّعوه من نسبة الملائكة لله بالبنوة؛ مع التعريض لهم بالهلاك إن استمرّوا على شركهم وضلالهم وذلك قوله عزّ وجلّ: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ. أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ. فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ﴾ i. بعد ذلك نزه الله ذاته العلية عن قبيح ما يصدر منهم ممّا يصفونه من نسبة الولد ومن كلّ ما لا يليق بجلاله وكماله وعظمتهii.
- كما أنّ أسلوب الخطاب في تنزيه الله ذاته للنبي ﷺ ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ﴾ يشير إلى مناسبة التذييل لخطابه تعالى المبتدأ قبله بقوله: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ﴾ iii. (قاله ابن عاشور) iv.
ii انظر: فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٤٠١.
iii سورة الصافات: الآية (١٤٩).
iv انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٣ ص١٩٨.