المبحث الثاني
تسبيح الله ذاته إثر الوعد والوعيد في آية سورة الروم:
قال الله تعالى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ i.
مطلب: في بيان مناسبة مجيء التسبيح في موضعه من السورة:
يأتي تسبيح الله ذاته العليّة (ههنا) بعد أن بيّن الله عزّ وجلّ في الآيات السابقة حال فريقي المؤمنين العاملين للصالحات والكافرين المكذبين بالآيات وما لهما من الثواب والعقاب وهي قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ﴾ ii؛ وذلك ليرشد عباده بما ينجيهم من العذاب ويفضي بهم إلى الثواب، وهو تنزيههم له -عزّ وجلّ- عن كل ما لا يليق بجلاله وكماله؛ وحمدهم له على ما أنعم به عليهم من نعمه العظيمة وآلائه الجليلة فقال: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ iii.
- ويدلّ على هذه المناسبة اقتران التسبيح بالفاء وهي لترتيب ما بعدها على ما قبلها.

i سورة الروم: الآية (١٧).
ii سورة الروم: الآيات (١٤-١٦).
iii انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٥ ص١٠٤؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص٥٤؛ حاشية الجمل على الجلالين ج٣ ص٣٨٧؛ فتح القدير للشوكاني ج٤ ص٢١٢؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص١٧٠.


الصفحة التالية
Icon