وهذا الردّ حاصله وغايته عدم وجود من هو كذلك أصلاً، إذ لو كان لعلمه الله- تعالى - وهو علام الغيوب.
ولا ريب أنّ في الردّ والإنكار عليهم بهذه الصورة تقريعاً لهم وتهكماً بهم وبما يدعونه من المحال الذي لا يكاد يدخل تحت الصحة والإمكان١.
لطيفة: أعيد حرف النفي بعد العاطف في قوله ﴿وَلا فِي الأَرْضِ﴾ وذلك لزيادة التنصيص على النفي وتأكيده٢.
مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:
ومن بعد الردّ على المشركين بما يبطل شركهم وينقض دعواهم وافتراءاتهم وبما يثبت إلاهيته سبحانه ووحدانيته ينزّه الله تعالى ذاته العليّة عمّا يفعله هؤلاء المشركون في عبادتهم مالا يضر ولا ينفع، أو عن شركائهم الذين يعتقدونهم شفعاءهم عند الله٣. وتنزيهه تعالى ذاته بعد إثبات حجته وبرهانه على لسان رسوله ﷺ لهو دليل على شناعة مقالتهم من جهة وعلى عظيم الإنكار عليهم من جهة أخرى. وكما يدلّ على أنّ قضية التوحيد له هي أسّ

١ انظر: تفسير البغوي ج٢ ص٣٤٨؛ تفسير ابن كثير ج٢ ص٤١١؛ تفسير أبي السعود ج٤ ص١٣١؛ تفسير زاد المسير لابن الجوزي ج٤ ص١٦؛ فتح القدير للشوكاني ج٢ ص٤٤٩؛ تفسير النسفي ج٢ ص١٥٧؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١١ ص١٢٦.
٢ انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج١١ ص١٢٦.
٣ انظر: تفسير الطبري ج١١ ص٦٩؛ تفسير أبي السعود ج٤ ص١٣٢؛ فتح القدير للشوكاني ج٢ ص٤٤٩.


الصفحة التالية
Icon