وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} ١.
وفي ذكره لهذه الحقيقة العظيمة شهادة بصحة وقوة ما أورده الله من الاستدلال على ألوهيته ووحدانيته؛ فالعوالم كلّها علويّها وسفليّها تقدّسه وتنزهه وتعظمه عمّا يقوله هؤلاء المشركون وتشهد له بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته٢. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإيراد التسبيح لكل العوالم ههنا - فيه إنكار شديد على هؤلاء المشركين القائلين بما لا يليق به سبحانه. وفي هذا يقول الطبري: " أي تنزهه السموات والأرض ومن فيهن أيها المشركون عمّا وصفتموه به إعظاماً له وإجلالاً، وأنتم مع إنعامه عليكم وجميل أياديه عندكم تفترون عليه بما تفترون!! "٣.
ويدلّ على هذا الوجه ويؤيده ختام الآية بقوله عزّ وجل ﴿إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ إذ فيه تعريض بأنّ مقالتهم تقتضي تعجيل العقاب لهم في الدنيا؛ ولكنّ الله عاملهم بحلمه وإمهاله، وفيه أيضاً تعريض لهم بالحث على الإقلاع عن شركهم وكفرهم ليغفر الله لهم٤.
٢ انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٠ ص٢١٧؛ تفسير ابن كثير ج٣ ص٤١؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٠ ص٢٣٢.
٣ تفسير ابن جرير الطبري: ج١٥ ص٦٥.
٤ انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٥ ص١١٥؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٠ص٢٣٥.