مطلب: في بيان ختم الآية بالتسبيح ووجهه:
- بعد أن أبطل الله -عزّ وجلّ- بما ذكره من الاستدلال والبرهان عقيدة المشركين في اتخاذهم آلهة معه أعقبه بما يؤكد ذلك الاستدلال من تنزيه ذاته فقال: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ والفاء تقتضي التعقيب وترتيب ما بعدها على ما قبلها من ثبوت الوحدانية بالبرهان والدليل، فنزه الله ذاته عمّا لا يليق به ممّا وصفوه من الأمور والأحوال التي يفترونها عليه والتي من جملتها أن يكون له شريك في الإلهية١.
لطيفتان:
الأولى: إنّ في إظهار اسم الجلالة في موضع الإضمار لإشعار بعلّة الحكم؛ إذ الألوهية مناط لجميع صفات الكمال لله تعالى التي من جملتها تنزهه تعالى عمّا لا يليق به؛ ولتربية المهابة وإدخال الروعة٢.
الثانية: إنّ في وصفه تعالى في موضع التسبيح ب (رب العرش) -ههنا- تأكيداً لتنزهه؛ إذ فيه تذكير بأنّه انفرد بخلق السموات وهو شيء لا ينازع فيه المشركون؛ بل هو خالق أعظم السماوات وحاويها وهو العرش، وبذلك يلزمون بلازم قولهم بانفراده بالخلق وهو انتفاء الشركاء له فيما دون ذلك٣.
٢ تفسير أبي السعود: ج٦ ص٦٢.
٣ انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٧ ص٤٤.