ثمّ إنّ المجيء ب (كان) هنا للدلالة على نفي للكون وهو يفيد أشدّ مما يفيد لو قيل ما لهم الخيرة١.
وأمّا (الخيرة) فهي اسم من الاختيار يقوم مقام المصدر، وهي اسم للمختار أيضاً كما يقال: محمد خيرة الله من خلقه٢.
مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:
- جاء تسبيح الله ذاته العليّة في ختام هذه الآية السنيّة بقوله: ﴿سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ وغايته ومقتضاه في عدّة أمور منها:
- أنّه لمّا كان المقام – ههنا - في بيان انفراده تعالى بالخلق والتقدير والاختيار وأنّه لا نظير له في ذلك نزه الله ذاته من أن يشرك به من الأصنام أو الأنداد التي لا تخلق ولا تختار شيئاً؛ إذ المشاركة توجب المساواة، ولا مساواة - بلاشك - بين من خلق وقدّر واختار وبين من لايستطيع خلقاً ولا يملك تقديراً ولا اختياراً٣.
- ثمّ إنّه لمّا كان الدافع لهؤلاء المشركين في اقتراحهم واختيارهم وإعراضهم عن اختيار الله هو شركهم به – تعالى - فإنّه سبحانه نزه نفسه عنه؛ وليدلّ على أنّ غاية أمرهم في ذلك إنّما هو ما امتزجت به نفوسهم من ضلالات شركهم وأهوائهم وجهلهم بقدر الله وحقيقته٤.

١ انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٣٩٧؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص١٢١؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٠ ص١٦٥.
٢ تفسير البغوي: ج٣ ص٤٥٢_٤٥٣.
٣ انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص٣٩٧؛ تفسير المهايمي: ج٢ ص١٢٢.
٤ انظر: محاسن التأويل للقاسمي ج١٣ ص ١٢١.


الصفحة التالية
Icon