المبحث الثامن: في آية سورة الزمر:
- قال الله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ١.
مطلب في بيان ما قبل التسبيح:
- الواو في أوّل الآية لعطفها على ما قبلها؛ ذلك أنّه لمّا جرى الكلام على أنّ الله تعالى خالق كل شيء وأنّ له مقاليد السموات والأرض وهو ملك عوالم الدنيا، وجاء من بعد التذييل بأنّ الذين كفروا بالله هم الخاسرون؛ انتقل الكلام – هنا - إلى ذكر عظمة ملكه -تعالى- في العالم الأخروي؛ وأنّ الذين كفروا بآيات الله الدالة على ملكوت الدنيا قد خسروا بترك النظر؛ فلو اطّلعوا على عظيم ملك الله في الآخرة لقدّروه حقّ قدره٢.
- فقوله تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ﴾ أي ما عظّموه حقّ عظمته، ولا عرفوا جلاله حقّ معرفته؛ إذ جعلوا له شركاء وسوّوا بينهم وبينه ووصفوه بما لايليق به وبشؤونه الجليلة، وكيف يكون ذلك منهم والحال٣ أنّ الله - عزّ وجلّ - هو العظيم
٢ تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور: ج٢٤ ص٦٤.
٣ قال الشوكاني في فتح القدير: (والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) في محل نصب أي ما عظموه حق تعظيمه والحال أنّه متصف بهذه الصفة الدالة على كمال القدرة (والسموات مطويات بيمينه) حال كالتي قبلها (ج٤ ص٤٥٨).