المبحث العاشر: في آية سورة الحشر:
قال الله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ١.
مطلب في بيان ما قبل التسبيح وصلته:
الذي يلاحظ في هذه السورة الكريمة أنّه قد جاء في خاتمتها ثلاث آيات تضمنت ذكر عدد من أسماء الله وصفاته الحسنى بصورة متتابعة لم تذكر في مثلها من آيات القرآن الكريم. ولعلّ المتأمل يسأل عن سرّ ذلك. وقد اجتهد صاحب التحرير والتنوير في بيان هذا الأمر وأرى أنّه قد أصاب في اجتهاده وأجاد، والله أعلم بالمراد، فقال رحمه الله تعالى: "لمّا تكرر في هذه السورة ذكر اسم الله وضمائره وصفاته أربعين مرّة، منها أربع وعشرون بذكر اسم الجلالة وست عشرة مرة بذكر ضميره الظاهر أو صفاته العليّة، وكان ما تضمّنته السورة دلائل على عظيم قدرة الله وبديع تصرّفه وحكمته، وكان ممّا حوته السورة الاعتبار بعظيم قدرة الله إذ أيد النبي ﷺ والمسلمين ونصرهم على بني النضير ذلك النصر الخارق للعادة، وذِكر ما حلّ بالمنافقين أنصارهم، وقوبل ذلك بالثناء على المؤمنين بالله ورسوله الذين نصروا الدين، ثمّ الأمر بطاعة الله والاستعداد ليوم الجزاء والتحذير من الذين أعرضوا عن كتاب الله ومن سوء عاقبتهم وختم ذلك بالتذكير بالقرآن الدالّ على الخير والمعرّف بعظمة الله المقتضية شدّة خشيته عقَّب ذلك بذكر طائفة من عظيم صفات الله ذات الآثار العديدة في تصرفاته المناسبة لغرض السورة زيادة في تعريف المؤمنين بعظمته المقتضية للمزيد