مطلب: في بيان التسبيح وغايته:
- ينزه الله تعالى ذاته العليّة عن شرك المشركين وعمّا اتخذوهم من شركاء له سبحانه، وذلك إثر تعداد بعض صفاته وأسمائه الحسنى التي لا يمكن أن يشاركه في شيء منها شيء أصلاً ممّا يدَّعونه شركاء له عزّ وجلّ.. وفي هذا إشارة للتعجيب من حالهم في إثبات شريك لله بعد ما عاينوا هذه الأسماء والصفات بآثارها وحقائقها ودلائلها، وبمعنى آخر مقارب أنّه لمّا تقرّر بما ذكر الله تعالى من أسمائه وصفاته كمال عظمته وجلال كبريائه ممّا ينتج عنه تنزهه وتعاليه عن شوب نقص لا سيما عن الشرك؛ نزه الله ذاته عنه داعياً عباده بذلك إلى تنزيهه وتعظيمه؛ ومتعجباً من حال من أشرك به وهو المنفرد بصفات الكمال والجلال١.
- وللفخر الرازي كلام في بيان غاية مجيء التسبيح ههنا، ولكني أرى أنّه قد حصر ذلك في جانب واحد بقضية معيّنة، والأوْلى ما ذُكِر سابقاً لإفادته العموم وهو الأنسب والله أعلم. وذلك قوله: "كأنّه قيل: إنّ المخلوقين قد يتكبرّون ويدّعون مشاركة الله في هذا الوصف -أي المتكبر- لكنّه سبحانه منزه عن التكبرّ الذي هو حاصل للخلق لأنهم ناقصون بحسب ذواتهم، فادّعاؤهم الكبر يكون ضمّ نقصان الكذب إلى النقصان الذاتي، أمّا الحق سبحانه فله العلوّ

١ انظر: تفسير أبي السعود ج٨ ص٢٣٤؛ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي ج٧ ص٥٤٢؛ تفسير روح البيان للبرسوي ج٩ ص٤٦٦؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج٢٨ ص١٢٣.


الصفحة التالية
Icon