المبحث الخامس
في آية سورة النحل:
قال الله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ i.
مطلب: في بيان الآية وموضع التسبيح منها:
يخبر الله تعالى في هذه الآية الكريمة عن شيء من قبائح المشركين أنهم جعلوا الملائكة إناثاً وجعلوهم بنات الله فعبدوها معه، وبذلك هم قد ارتكبوا عدة أخطاء عظيمة في مقامات ثلاث إذ نسبوا إليه أنّ له ولداً ولا ولد له، ثمّ أعطوه أخسّ القسمين من الأولاد وهو البنات وهم لا يرضونها لأنفسهم ثمّ عبدوها مع الله تعالىii.
والذكر – ههنا - للمقام الثاني من ضلالهم ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ فيه إشارة إلى بقية ضلالهم في اعتقادهم بالملائكة كما بينت في بداية الكلام.
- فلما أخبر الله عنهم ذلك نزه ذاته العلية بقوله: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ وهو في محل جملة معترضة وقعت جواباً عن مقالتهم السيئة التي تضمّنتها حكاية ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ﴾ إذ الجعل فيها جعل بالقولiii.
- وفي ذكر التسبيح -ههنا- أيضاً تعجيب من جراءتهم على التفوّه بهذا المنكر العظيم من القول ومن مقاسمتهم لجلاله تعالى بالاستئثار للبنينiv.

i سورة النحل: الآية (٥٧).
ii انظر: تفسير ابن كثير ج٢ ص٥٧٢_٥٧٣.
iii التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٤ ص١٨٢.
iv انظر: محاسن التأويل للقاسمي ج١٠ ص١١٨.


الصفحة التالية
Icon