ومن قرأ بالنصب فعلى المصدر أي أقول قول الحقi. ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ فمن قائل إنه ابن الله ومن قائل إنه هو الله وغير ذلك من الأقوال التي اختلفوا فيها وتجادلوا وناقض فيها بعضهم بعضاً.
مطلب: في بيان موضع التسبيح وآيته:
- لمّا ذكر الله عز وجل فيما قبل حقيقة عيسى عليه السلام وأنّه خلقه عبداً نبياً نفى عن ذاته الكريمة اتخاذ الولد ردّاً على النصارى الذين قالوا ببنوّته - عليه السلام - تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً –فقال عزّ وجلّ: ﴿مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ﴾ أي ما يصحّ ولا يليق ولا يتأتّى ولا يُتصوّر في حقه جلّ وعلا أن يتخذ ولداًii. وكما قال الجملiii في حاشيته على الجلالين: "والمعنى أنّ ثبوت الولد له محال"iv. وهو كقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً﴾ v.
وهذه الجملة الكريمة تفيد انتفاء الولد عنه تعالى بأبلغ وجه؛ وذلك لأنّ لام الجحود تفيد مبالغة النفي، وأنّه ممّا لايلاقي وجود المنفي عنه ولأن في قوله:

i انظر: تفسير البغوي ج٣ ص١٩٥؛ تفسير القرطبي ج١١ ص١٠٥؛ حجة القراءات لابن زنجلة ص٤٤٣.
ii انظر: تفسير البغوي ج٣ ص١٩٥؛ تفسير القرطبي ج١١ ص١٠٦؛ تفسير الخازن ج٤ ص٢٤٥؛ فتح القدير للشوكاني ج٣ ص٣٣٦؛ تفسير السعدي ج٥ ص١٠٤ أضواء البيان ج٤ ص٢٧٧.
iii هو سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري الشافعي، المعروف بالجمل: فاضل من أهل مدينة عجيل (إحدى قرى الغربية بمصر) انتقل إلى القاهرة. له مؤلفات منها: الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية (حاشية على الجلالين)، وفتوحات الوهاب (حاشية على شرح المنهج في فقه الشافعي، توفي عام ١٢٠٤هـ (انظر: الأعلام للزركلي ج٣ ص١٣١).
iv حاشية الجمل على الجلالين: ج٣ ص٦٢.
v سورة مريم: الآية (٩٢).


الصفحة التالية
Icon