ولده، وإمّا بحسب قواعد الشرع من أنّ الإنسان إذا ملك ولده عتق عليه، والأول في تقريره المنافاة أظهر؛ إذ الكلام مع جُهَّال العرب وهم لا يعرفون قواعد الشرع"i.
- ثمّ وصف الله تعالى ملائكته بخمس صفات تؤكِدّ وتبيّن تقرير ما ذكره من عبوديتهم له، وذلك في الآيتين بعد التسبيح. وفي ذكرها المزيد والتأكيد لتنزيهه -عزّ وجلّ- ذاته عن مقولة المشركين باتخاذهم ولداً.
وتلكم الصفات ما يلي:
الصفة الأولى: ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ﴾ أي لا يقولون شيئاً حتى يقوله تعالى أو يأمرهم به وهذه الصفة تنبئ عن كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره تعالى.
الصفة الثانية: ﴿وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ أي أنّهم منقادون له تعالى في الأعمال كما أنهم منقادون له في الأقوال.
الصفة الثالثة: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي أنهم تحت علم الله وإحاطته بهم. والمقصود أي كيف يخرجون عن عبوديته مع إحاطته بهم.
والصفة الرابعة: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ أي لا يستطيعون الشفاعة لأحد إلاّ لمن ارتضاه الله من أهل الإيمان والتوحيد. والمقصود أي كيف يخرجون - أيضاً- عن عبوديته وهم لا يقدرون على أدنى وجوه معارضته وهي الشفاعة عنده.
والصفة الخامسة: ﴿وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ وهذه الصفة الأخيرة تبيّن كمال عبوديتهم لله تعالى إذ هم يعظمونه تعظيم من يخاف بطشته ويحذر مخالفة أمرهii.

i حاشية الجمل على الجلالين: ج٣ ص١٢٥.
ii انظر: تفسير ابن كثير ج٣ ص١٧٦؛ تفسير أبي السعود ج٦ ص٦٣-٦٤؛ تفسير القرطبي ج١١ ص٢٨١-٢٨٢؛ تفسير فتح القدير للشوكاني ج٣ ص٤٠٤-٤٠٥؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج١٧ ص٥١؛ محاسن التأويل للقاسمي ج١١ ص٢٤٨-٢٤٩؛ تفسير المهايمي ج٢ ص٣٠-٣١.


الصفحة التالية
Icon