- وتقريراً لما ذُكِر من استحالة اتخاذ الولد في حقه تعالى وتأكيداً له نزه عزّ وجلّ ذاته عن ذلك تنزهه الخاصّ به فقال: -ayah text-primary">﴿سُبْحَانَهُ﴾ i.
-ثم جيء بعد هذا التنزيه لذاته - عزّ وجل ّ- بجملة استئنافية تحمل دلائل أخرى على انتفاء الولد عنه. وهذه الجملة هي بمنزلة التعليل والبيان لتنزهه تعالى، وذلك بما اقتضته الصفات الإلهية الواردة فيها. وهي قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ وأوّلها صفة الألوهية التي يدلّ عليها اسم الجلالة ﴿اللَّهُ﴾ وتستتبع هذه الصفة سائر صفات الكمال له -تعالى- النافية لكل سمات النقصان. واتخاذ الولد -كما سبق ذكره- من سمات النقصان والعجز ومناف لكمال الألوهيةii.
وثانيها: صفة الوحدانية في قوله تعالى: ﴿الْوَاحِدُ﴾ والتي توجب امتناع المماثلة والمشاركة بينه وبين غيره، فهو متبرئ عن انضمام الأعداد متعالٍ عن التجزؤ والولادiii.
وثالثها: صفة ﴿الْقَهَّارُ﴾ فكونه سبحانه (قهاراً) يمنع من ثبوت الولد؛ لأنّ المحتاج إلى الولد هو الذي يموت فيحتاج إلى ولد يقوم مقامه، وبذلك يكون مقهوراً بالموت، أمّا الذي يكون قاهراً ولا يقهره غيره كان الولد في حقه محالاً؛ إذ من هو مستحيل الفناء قهار لكل الكائنات كيف يتصوّر أن يتخذ من الأشياء الفانية ما يقوم مقامهiv.

i انظر: المرجع السابق: ج٧ ص٢٤٢.
ii انظر: المرجع السابق: ج٧ ص٢٤٢.
iii انظر: المرجع السابق: ج٧ ص٢٤٢؛ تفسير النسفي ج٤ ص٥٠.
iv انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج٢٦ ص٢٤٣؛ تفسير أبي السعود ج٧ ص٢٤٢.


الصفحة التالية
Icon