الرَّجُلَ قَدْ يَكُونُ مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِرِ غَيْرَ مُصَدِّقٍ فِي الْبَاطِنِ. وَقَدْ يَكُونُ مُصَدِّقًا فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِرِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ جَوَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا حِينَ سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بَوَيْهٍ الزَّرَّادُ الْبُخَارِيُّ: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْخُزَاعِيُّ ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ ثَنَا أَبُو أحمد عيسى ٦/أبْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلَانِيُّ أَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنَا كَهَمْسُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْقَدَرِ، يَعْنِي بِالْبَصْرَةِ، مَعْبَدًا الْجُهَنِيَّ فَخَرَجْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ نُرِيدُ مَكَّةَ فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ فَلَقِينَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَتَفَقَّرُونَ هَذَا الْعِلْمَ وَيَطْلُبُونَهُ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ إِنَّمَا الْأَمْرُ أُنُفٌ قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَإِنَّهُمْ مِنِّي بُرَآءُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ (لِأَحَدِهِمْ) (١) مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ثُمَّ قَالَ:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: "بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ مَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ فَأَقْبَلَ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وَرُكْبَتُهُ تَمَسُّ (٢) رُكْبَتَهُ] فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فَقَالَ: صَدَقْتَ فَتَعَجَّبْنَا مِنْ سُؤَالِهِ وَتَصْدِيقِهِ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا الْإِيمَانُ قَالَ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرَسُولِهِ وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ فَقَالَ: صَدَقْتَ. ثُمَّ قَالَ: فَمَا الْإِحْسَانُ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ: صَدَقْتَ ثُمَّ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ فَقَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ بِهَا مِنَ السَّائِلِ قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا قَالَ: أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي بُنْيَانِ الْمَدَرِ قَالَ: صَدَقْتَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَالِثَةٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عُمَرُ هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: ذلك جبرئيل أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُمْ وَمَا أَتَانِي فِي صُورَةٍ إِلَّا عَرَفْتُهُ فِيهَا إِلَّا فِي صُورَتِهِ هَذِهِ" (٣)

(١) في الأصل: لأحد.
(٢) في الأصل: يمس ركبته.
(٣) أخرجه البخاري في الإيمان، باب سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام: ١ / ١١٤. ومسلم في الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان برقم ٨و٩: ١ / ٣٦-٣٧. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١ / ٨-٩.


الصفحة التالية
Icon