وَاحِدٍ: مُلْصَقٌ، وَعَلَى وَاحِدٍ: الْعَقْلُ، وَوَاحِدٌ غُفْلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَمْرًا مِنْ سَفَرٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ تَدَارَءُوا فِي نَسَبٍ أَوِ اخْتَلَفُوا فِي تَحَمُّلِ عَقْلٍ جَاءُوا إِلَى هُبَلَ، وَكَانَ أَعْظَمَ أَصْنَامِ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ، وَجَاءُوا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَوْهَا صَاحِبَ الْقِدَاحِ حَتَّى يُجِيلَ الْقِدَاحَ، وَيَقُولُونَ: يَا إِلَهَنَا إِنَّا أَرَدْنَا كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ خَرَجَ نَعَمْ، فَعَلُوا، وَإِنْ خَرَجَ لَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ حَوْلًا ثُمَّ عَادُوا إِلَى الْقِدَاحِ ثَانِيَةً، فَإِذَا أَجَالُوا عَلَى نَسَبٍ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْكُمْ كَانَ وَسَطًا مِنْهُمْ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِكُمْ كَانَ حَلِيفًا، وَإِنْ خَرَجَ مُلْصَقٌ كَانَ عَلَى مَنْزِلَتِهِ لَا نَسَبَ لَهُ وَلَا حِلْفَ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي عَقْلٍ فَمَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ قَدَحُ الْعَقْلِ حَمَلَهُ، وَإِنْ خَرَجَ الْغُفْلُ أَجَالُوا ثَانِيًا حَتَّى يَخْرُجَ الْمَكْتُوبُ، فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ وَحَرَّمَهُ، وَقَالَ: ﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْأَزْلَامُ حَصًى بِيضٌ كَانُوا يَضْرِبُونَ بِهَا، وَقَالَ مُجَاهِدٍ: هِيَ كِعَابُ فَارِسَ وَالرُّومِ الَّتِي يَتَقَامَرُونَ بِهَا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: الْأَزْلَامُ لِلْعَرَبِ، وَالْكِعَابُ لِلْعَجَمِ، وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ: هِيَ الشِّطْرَنْجُ، وَرُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ وَالطِّيَرَةُ مِنَ الْجِبْتِ" (١) وَالْمُرَادُ مِنَ الطَّرْقِ: الضَّرْبُ بِالْحَصَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَا ابْنُ فَنْجَوَيْهِ أَنَا ابْنُ الْفَضْلِ الْكِنْدِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ الْخَشَّابُ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَا [أَبُو الْمُخْتَارِ] (٢) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَكَهَّنَ أَوِ اسْتَقْسَمَ أَوْ تَطَيَّرَ طِيَرَةً تَرُدُّهُ عَنْ سَفَرِهِ لَمْ يَنْظُرْ إلى الدرجات العلى مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٣).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾ يَعْنِي: أَنْ تَرْجِعُوا إِلَى دِينِهِمْ كُفَّارًا، وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَطْمَعُونَ فِي عَوْدِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى دِينِهِمْ فَلَمَّا قَوِيَ الْإِسْلَامُ يَئِسُوا، وَيَئِسَ وَأَيِسَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، يَوْمَ عَرَفَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَاتٍ عَلَى نَاقَتِهِ الْعَضْبَاءِ، فَكَادَتْ عَضُدُ النَّاقَةِ تَنْدَقُّ مِنْ ثِقَلِهَا فَبَرَكَتْ.
(٢) في "ب": (أبو المحياة). وهو يحيى بن يعلى التيمي، ثقة من الثامنة. (التقريب).
(٣) عزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط، وقال: فيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو كذاب. مجمع الزوائد: ١ / ١٢٨. وأخرجه أبو نعيم في الحلية: ٥ / ١٧٤، وقال: غريب من حديث الثوري عن عبد الملك، تفرد به محمد بن الحسن.