وَلَدَكُمْ؟ وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرُنِي قُرَيْشٌ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ، وَلَكِنْ أَذُبُّ عَنْكَ مَا حَيِيتُ. وَقَالَ فِيهِ أَبْيَاتًا: وَاللَّهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ حَتَّى أُوَسَّدَ فِي التُّرَابِ دَفِينًا
فَاصْدَعْ بِأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ وَابْشِرْ بِذَاكَ وَقِرَّ بِذَاكَ مِنْكَ عُيُونًا
وَدَعَوْتَنِي وَعَرَفْتُ أَنَّكَ نَاصِحِي وَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ ثَمَّ أَمِينًا
وَعَرَضْتَ دِينًا قَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّهُ مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ الْبَرِيَّةِ دِينًا
لَوْلَا الْمَلَامَةُ أَوْ حَذَارُ سُبَّةً لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينًا
﴿وَإِنْ يُهْلِكُونَ﴾، أَيْ: مَا يُهْلِكُونَ، ﴿إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾ أَيْ: لَا يَرْجِعُ وَبَالُ فِعْلِهِمْ إِلَّا إِلَيْهِمْ، وَأَوْزَارُ الَّذِينَ يَصُدُّونَهُمْ عَلَيْهِمْ، ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾..
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) ﴾
﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ﴾ يَعْنِي: فِي النَّارِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) أَيْ: فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ، وَقِيلَ: عُرِضُوا عَلَى النَّارِ، وَجَوَابُ "لَوْ" مَحْذُوفٌ مَعْنَاهُ: لَوْ تَرَاهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَرَأَيْتَ عَجَبًا، ﴿فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ﴾ يَعْنِي: إِلَى الدُّنْيَا، ﴿وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ كُلُّهَا بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى: يَا لَيْتَنَا نَرُدُّ وَنَحْنُ لَا نَكُذِّبُ، وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ "وَلَا نُكَذِّبَ وَنَكُونَ" بِنَصْبِ الْبَاءِ وَالنُّونِ عَلَى جَوَابِ التَّمَنِّي، أَيْ: لَيْتَ رَدَّنَا وَقَعَ، وَأَنْ لَا نُكَذِّبَ وَنَكُونَ، وَالْعَرَبُ تَنْصِبُ جَوَابَ التَّمَنِّي بِالْوَاوِ كَمَا تَنْصِبُّ بِالْفَاءِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ "نُكَذِّبُ" بِالرَّفْعِ وَ"نَكُونَ" بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُمْ تَمَنَّوْا أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ إِنْ رُدُّوا إِلَى الدُّنْيَا.
﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ﴾ قَوْلُهُ: "بَلْ" تَحْتَهُ رَدٌّ لِقَوْلِهِمْ، أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوا إِنَّهُمْ لَوْ رُدُّوا لَآمَنُوا، بَلْ بَدَا لَهُمْ، ظَهَرَ لَهُمْ، ﴿مَا كَانُوا يُخْفُونَ﴾ يُسِرُّونَ، ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ فِي الدُّنْيَا مِنْ كُفْرِهِمْ