وَقِيلَ: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ يَفْقَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَقِيلَ: أَمَّمَ أَمْثَالُكُمْ فِي الْخَلْقِ وَالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَعْرِفَةِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ فِي الْغِذَاءِ وَابْتِغَاءِ الرِّزْقِ وَتَوَقِّي الْمَهَالِكِ.
﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ﴾ أَيْ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، ﴿مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: حَشْرُهَا مَوْتُهَا، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمَ وَالدَّوَابَّ وَالطَّيْرَ، وَكُلَّ شَيْءٍ فَيَأْخُذُ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا فَحِينَئِذٍ يَتَمَنَّى الْكَافِرُ وَيَقُولُ: (يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا).
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْخِرَقِيُّ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّيْسَفُونِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُشْمِيهَنِيُّ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَتُرَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ" (١).
﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ﴾ لَا يَسْمَعُونَ الْخَيْرَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ، ﴿فِي الظُّلُمَاتِ﴾ فِي ضَلَالَاتِ الْكُفْرِ، ﴿مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ وَهُوَ الْإِسْلَامُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ﴾ هَلْ رَأَيْتُمْ؟ وَالْكَافُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ أَرَأَيْتَكَ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَخْبِرْنَا، كَمَا يَقُولُ: أَرَأَيْتَكَ إِنْ فَعَلَتُ كَذَا مَاذَا تَفْعَلُ؟ أَيْ: أَخْبِرْنِي، وَقَرَأَ أَهْلُ

(١) أخرجه مسلم في البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (٢٥٨٢) : ٤ / ١٩٩٧.


الصفحة التالية
Icon