تُسَلَّمَ، ﴿نَفْسٌ﴾ لِلْهَلَاكِ، ﴿بِمَا كَسَبَتْ﴾ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَهْلَكُ، وَقَالَ قَتَادَةُ: أَنْ تُحْبَسَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تُحْرَقُ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تُؤْخَذُ، وَمَعْنَاهُ: ذَكِّرْهُمْ لِيُؤْمِنُوا، كَيْلَا تَهْلِكَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ، قَالَ الْأَخْفَشُ: تُبْسَلُ تُجَازَى، وَقِيلَ: تُفْضَحُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تُرْتَهَنُ، وَأَصْلُ الْإِبْسَالِ التَّحْرِيمُ، وَالْبَسْلُ الْحَرَامُ، ثُمَّ جُعِلَ نَعْتًا لِكُلِّ شِدَّةٍ تُتَّقَى وَتُتْرَكُ، ﴿لَيْسَ لَهَا﴾ أَيْ لِتِلْكَ النَّفْسِ، ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ﴾ قَرِيبٌ، ﴿وَلَا شَفِيعٌ﴾ يَشْفَعُ فِي الْآخِرَةِ، ﴿وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ﴾ أَيْ: تَفْدِ كُلَّ فِدَاءٍ، ﴿لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا﴾ ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا﴾ أُسْلِمُوا لِلْهَلَاكِ، ﴿بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ﴾
﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا﴾ إِنْ عَبَدْنَاهُ، ﴿وَلَا يَضُرُّنَا﴾ إِنْ تَرَكْنَاهُ، يَعْنِي: الْأَصْنَامَ لَيْسَ إِلَيْهَا نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ، ﴿وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا﴾ إِلَى الشِّرْكِ [مُرْتَدِّينَ] (١) ﴿بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ﴾، أَيْ: يَكُونُ مَثَلُنَا كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ، أَيْ: أَضَلَّتْهُ، ﴿حَيْرَانَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الْغِيلَانُ فِي +الْمَهَامَةِ فَأَضَلُّوهُ فَهُوَ حَائِرٌ بَائِرٌ، وَالْحَيْرَانُ: الْمُتَرَدِّدُ فِي الْأَمْرِ، لَا يَهْتَدِي إِلَى مَخْرَجٍ مِنْهُ، ﴿لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا﴾ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ يَدْعُو إِلَى الْآلِهَةِ وَلِمَنْ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي رُفْقَةٍ ضَلَّ بِهِ الْغُولُ عَنِ الطَّرِيقِ يَدْعُوهُ أَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الرُّفْقَةِ هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيقِ، وَيَدْعُوهُ الْغُولُ [هَلُمَّ] (٢) فَيَبْقَى حَيْرَانَ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ، فَإِنْ أَجَابَ الْغُولَ انْطَلَقَ بِهِ حَتَّى يُلْقِيَهُ إِلَى الْهَلَكَةِ، وَإِنْ أَجَابَ مَنْ يَدْعُوهُ إِلَى الطَّرِيقِ اهْتَدَى (٣).
﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾ يَزْجُرُ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ، لَا هُدَى غَيْرَهُ، ﴿وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ﴾ أَيْ: أَنْ نُسَلِّمَ، ﴿لِرَبِ الْعَالَمِينَ﴾ وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمَرْتُكَ لِتَفْعَلَ وَأَنْ تَفْعَلَ وَبِأَنْ تَفْعَلَ.
﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣) ﴾
﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ﴾ أَيْ: وَأُمِرْنَا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَالتَّقْوَى، ﴿وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾

(١) في "ب": (متردين).
(٢) زيادة من "ب".
(٣) انظر: تفسير الطبري: ١١ / ٤٥٢.


الصفحة التالية
Icon