ثِيَابٍ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا، فَكَانَ الرِّجَالُ يَطُوفُونَ بِالنَّهَارِ وَالنِّسَاءُ بِاللَّيْلِ عُرَاةً.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ وَتَضَعُ يَدَهَا عَلَى فَرْجِهَا وَتَقُولُ:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ | وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ |
﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ " وَلِبَاسَ " بِنَصْبِ السِّينِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ ﴿لِبَاسًا﴾ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ ﴿خَيْرٌ﴾ وَجَعَلُوا ﴿ذَلِكَ﴾ صِلَةً فِي الْكَلَامِ، وَلِذَلِكَ قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ﴾
وَاخْتَلَفُوا فِي ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ الْإِيمَانُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْحَيَاءُ لِأَنَّهُ يَبْعَثُ عَلَى التَّقْوَى.
وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، أَنَّهُ قَالَ: السَّمْتُ الْحَسَنُ.
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لِبَاسُ التَّقْوَى خَشْيَةُ اللَّهِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْعَفَافُ. وَالْمَعْنَى: لِبَاسُ التَّقْوَى خَيْرٌ لِصَاحِبِهِ إِذَا أَخَذَ بِهِ مِمَّا خَلَقَ لَهُ مِنَ اللِّبَاسِ لِلتَّجَمُّلِ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ اللِّبَاسُ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ إِخْبَارًا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ خَيْرٌ مِنَ التَّعَرِّي فِي الطَّوَافِ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: لِبَاسُ التَّقْوَى الْآلَاتُ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا فِي الْحَرْبِ كَالدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ وَالسَّاعِدِ وَالسَّاقَيْنِ.
وَقِيلَ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ الصُّوفُ وَالثِّيَابُ الْخَشِنَةُ الَّتِي يَلْبَسُهَا أَهْلُ الْوَرَعِ. ﴿ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
(١) انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٢٥٩-٢٦٠)، ابن كثير: ٢ / ٢٠٩، ٢١١.