التَّوْرَاةِ، وَفِي الْحَدِيثِ: "كَانَتْ مِنْ سِدْرِ الْجَنَّةِ طُولُ اللَّوْحِ اثْنَا عَشَرَ ذِرَاعًا" (١). وَجَاءَ فِي أَحَادِيثِ خَلْقِ اللَّهِ آدَمَ بِيَدِهِ: "وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ وَغَرَسَ شَجَرَةَ طُوبَى بِيَدِهِ" (٢).
وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَتِ الْأَلْوَاحُ مِنْ خَشَبٍ. قال الكلبي ١٣٧/ب كَانَتْ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خَضْرَاءَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتْ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَتِ الْأَلْوَاحُ مَنْ بَرَدٍ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَتْ مِنْ زُمُرُّدٍ، أَمَرَ اللَّهُ جِبْرِيلَ حَتَّى جَاءَ بِهَا مَنْ عَدَنٍ، وَكَتَبَهَا بِالْقَلَمِ الَّذِي كُتِبَ بِهِ الذِّكْرُ وَاسْتُمِدَّ مَنْ نَهْرِ النُّورِ وَقَالَ وَهْبٌ: أَمَرَهُ اللَّهُ بِقَطْعِ الْأَلْوَاحِ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ لَيَّنَهَا اللَّهُ لَهُ فَقَطَعَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ شَقَّقَهَا بِأُصْبُعِهِ، وَسَمِعَ مُوسَى صَرِيرَ الْقَلَمِ بِالْكَلِمَاتِ الْعَشَرَةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ، وَكَانَتِ الْأَلْوَاحُ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ عَلَى طُولِ مُوسَى. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَوَهْبٌ: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ﴾ كَنَقْشِ الْخَاتَمِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ وَهِيَ سَبْعُونَ وِقْرِ بَعِيرٍ، يُقْرَأُ الْجُزْءُ مِنْهُ فِي سَنَةٍ، لَمْ يَقْرَأْهُ إِلَّا أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: مُوسَى، وَيُوشَعُ، وَعُزَيْرٌ، وَعِيسَى.
وَقَالَ الْحَسَنُ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي التَّوْرَاةِ أَلْفُ آيَةٍ يَعْنِي "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ" ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ، ﴿مَوْعِظَةً﴾ نَهْيًا عَنِ الْجَهْلِ، وَحَقِيقَةُ الْمَوْعِظَةِ: التَّذْكِرَةُ وَالتَّحْذِيرُ بما يخاف عاقتبه، ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ أَيْ: تَبْيِينًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ. ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾ أَيْ: بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، وَقِيلَ: بِقُوَّةِ الْقَلْبِ وَصِحَّةِ الْعَزِيمَةِ، لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ بِضَعْفِ النِّيَّةِ أَدَّاهُ إِلَى الْفُتُورِ، ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾ قَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُحِلُّوا حَلَالَهَا، وَيُحَرِّمُوا حَرَامَهَا، وَيَتَدَبَّرُوا أَمْثَالَهَا، وَيَعْمَلُوا بِمُحْكَمِهَا، وَيَقِفُوا عِنْدَ مُتَشَابِهِهَا وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَدُّ عِبَادَةً مِنْ قَوْمِهِ، فَأُمِرَ بِمَا لَمْ يُؤْمَرُوا بِهِ.
قَالَ قُطْرُبٌ: بِأَحْسَنِهَا أَيْ بِحُسْنِهَا، وَكُلُّهَا حَسَنٌ. وَقِيلَ: أَحْسَنُهَا الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِلُ، وَهِيَ مَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهَا الثَّوَابُ، وَمَا دُونَهَا الْمُبَاحُ، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الثَّوَابُ. وَقِيلَ: بِأَحْسَنِهَا بِأَحْسَنِ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَالْعَفْوِ أَحْسَنَ مِنَ الْقِصَاصِ، وَالصَّبْرِ أَحْسَنَ مِنَ الِانْتِصَارِ.
﴿سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: مَصِيرُهَا فِي الْآخِرَةِ. قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: يَعْنِي
(٢) عزاه السيوطي لابن أبي الدنيا في صفة أهل الجنة وأبي الشيخ في العظمة، وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات: ٢ / ٤٧ "إن الله عز وجل خلق ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده وغرس الفردوس بيده" وقال: هذا مرسل.