﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى﴾ إِنْ تَدْعُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْإِسْلَامِ، ﴿لَا يَتَّبِعُوكُمْ﴾ قَرَأَ نَافِعٌ بِالتَّخْفِيفِ وَكَذَلِكَ: "يَتْبَعُهُمُ الْغَاوُونَ" فِي الشُّعَرَاءِ (الْآيَةُ ٢٢٤) وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ فِيهِمَا وَهُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ: تَبِعَهُ تَبَعًا وَأَتْبَعَهُ إِتْبَاعًا. ﴿سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ﴾ إِلَى الدِّينِ، ﴿أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ﴾ عَنْ دُعَائِهِمْ لَا يُؤْمِنُونَ، كَمَا قَالَ: "سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ" (الْبَقَرَةُ-٦) وقيل: "وإن تدعهم إِلَى الْهُدَى" يَعْنِي: الْأَصْنَامَ، لَا يَتَّبِعُوكُمْ لِأَنَّهَا غَيْرُ عَاقِلَةٍ.
﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي الْأَصْنَامَ، ﴿عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ يُرِيدُ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ أَمْثَالُكُمْ. وَقِيلَ: أَمْثَالُكُمْ فِي التَّسْخِيرِ، أَيْ: أَنَّهُمْ مُسَخَّرُونَ مُذَلَّلُونَ لِمَا أُرِيدَ مِنْهُمْ. قَالَ مُقَاتِلٌ: قَوْلُهُ "عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ" أَرَادَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ، وَالْخِطَابُ مَعَ قَوْمٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
﴿فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ أَنَّهَا آلِهَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاعْبُدُوهُمْ، هَلْ يُثِيبُونَكُمْ أَوْ يُجَاوِزُونَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ لَكُمْ عِنْدَهَا مَنْفَعَةً؟ ثُمَّ بَيَّنَ عَجْزَهُمْ فَقَالَ: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا﴾
﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (١٩٥) ﴾
﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (١٩٦) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٧) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (١٩٨) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩) ﴾
﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا﴾ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ بِضَمِّ الْهَاءِ هُنَا وَفِي الْقَصَصِ وَالدُّخَانِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ الطَّاءِ، ﴿أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ أَرَادَ أَنَّ قُدْرَةَ الْمَخْلُوقِينَ تَكُونُ بِهَذِهِ الْجَوَارِحِ وَالْآلَاتِ، وَلَيْسَتْ لِلْأَصْنَامِ هَذِهِ الْآلَاتُ، فَأَنْتُمْ مُفَضَّلُونَ عَلَيْهَا بِالْأَرْجُلِ الْمَاشِيَةِ وَالْأَيْدِي الْبَاطِشَةِ وَالْأَعْيُنِ الْبَاصِرَةِ وَالْآذَانِ السَّامِعَةِ، فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَنْ أَنْتُمْ أَفْضَلُ وَأَقْدَرُ مِنْهُمْ؟ ﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ﴾ يَا مَعْشَرَ الْمُشْرِكِينَ، ﴿ثُمَّ كِيدُونِ﴾ أَنْتُمْ وَهُمْ، ﴿فَلَا تُنْظِرُونِ﴾ أَيْ: لَا تُمْهِلُونِي وَاعْجَلُوا فِي كَيْدِي.
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ﴾ يَعْنِي الْقُرْآنَ، أَيْ أَنَّهُ يَتَوَلَّانِي وَيَنْصُرُنِي كَمَا أَيَّدَنِي بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ، ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُرِيدُ الَّذِينَ لَا يَعْدِلُونَ


الصفحة التالية
Icon