أي: من التوارة وَالْإِنْجِيلِ مِثْلُ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةِ الرَّجْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ أَيْ: يُعْرِضُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا أَخْفَيْتُمْ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ وَلَا يُؤَاخِذُكُمْ بِهِ، ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ﴾ يعني: محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: الْإِسْلَامُ، ﴿وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ أَيْ: بَيِّنٌ، وَقِيلَ: مُبِينٌ وَهُوَ الْقُرْآنُ.
﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ﴾ رِضَاهُ، ﴿سُبُلَ السَّلَامِ﴾ قِيلَ: السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَسَبِيلُهُ دِينُهُ الَّذِي شَرَعَ لِعِبَادِهِ، وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ، وَقِيلَ: السَّلَامُ هُوَ السَّلَامَةُ، كَاللَّذَاذِ وَاللَّذَاذَةِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ طُرُقُ السَّلَامَةِ، ﴿وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ أَيْ: مِنْ ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ، ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بِتَوْفِيقِهِ وَهِدَايَتِهِ، ﴿وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ١٠٤أوَهُوَ الْإِسْلَامُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ وَهُمُ الْيَعْقُوبِيَّةُ مِنَ النَّصَارَى يَقُولُونَ الْمَسِيحُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، ﴿قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ أَيْ: مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ شَيْئًا إِذَا قَضَاهُ؟ ﴿إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨) ﴾
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ قِيلَ: أَرَادُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنَا كَالْأَبِ فِي الْحُنُوِّ وَالْعَطْفِ، وَنَحْنُ كَالْأَبْنَاءِ لَهُ فِي الْقُرْبِ وَالْمَنْزِلَةِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: إِنَّ الْيَهُودَ وَجَدُوا فِي التَّوْرَاةِ يَا أَبْنَاءَ أَحْبَارِي، فَبَدَّلُوا يَا أَبْنَاءَ أَبْكَارِي، فَمِنْ ذَلِكَ قَالُوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَحْنُ أَبْنَاءُ رُسُلِ اللَّهِ.


الصفحة التالية
Icon