قَالَ" "ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ" (١).
وَشَرَطَ بَعْضُهُمُ الْإِشْعَارَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا فِي ذَكَاتِهَا إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ، وَمِثْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ.
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ الْجَنِينِ إِذَا خَرَجَ مَيْتًا بَعْدَ ذَكَاةِ الْأُمِّ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ: وَحْشِيُّهَا، وَهِيَ الظِّبَاءُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ، سُمِّيَتْ بَهِيمَةً لِأَنَّهَا أُبْهِمَتْ عَنِ التَّمْيِيزِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا لَا نُطْقَ لَهَا، ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ: مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ" إِلَى قَوْلِهِ: "وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ"، ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: لَا مُحِلِّي الصَّيْدِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ كُلُّهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْهَا وَحْشِيًّا فَإِنَّهُ صَيْدٌ لَا يَحِلُ لَكُمْ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢) ﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ نَزَلَتْ فِي الْحُطَمِ وَاسْمُهُ شُرَيْحُ بْنُ ضُبَيْعَةَ الْبَكْرِيُّ، أَتَى الْمَدِينَةَ وَخَلَّفَ خَيْلَهُ [خَارِجَ] (٢) الْمَدِينَةِ، وَدَخَلَ وَحْدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: إِلَى مَا تَدْعُو النَّاسَ؟ فَقَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، [وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ] (٣) وَإِقَامِ الصَّلَاةِ

(١) أخرجه أبو داود في الضحايا، باب ما جاء في ذكاة الجنين: ٤ / ١١٩، والدارمي في الأضاحي، باب في ذكاة الجنين: ٢ / ٨٤، والدارقطني: ٤ / ٢٧٣ بلفظ "كل الجنين في بطن أمه"، وصححه الحاكم في المستدرك على شرط مسلم ووافقه الذهبي: ٤ / ١١٤.
وعزاه الهيثمي في المجمع: ٤ / ٣٥ والزيلعي في نصب الراية: ٤ / ١٨٩ لأبي يعلى في مسنده. وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١١ / ٢٢٩.
قال المنذري: في إسناده عبد الله بن أبي زياد المكي القداح، وفيه مقال. وقال الهيثمي: فيه حماد بن شعيب وهو ضعيف. وصححه الألباني في إرواء الغليل: ٨ / ١٧٢.
(٢) في "ب": (ظاهر).
(٣) ساقط من "ب".


الصفحة التالية
Icon