عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ لِقُرْبِهِمْ وَمَقْعَدِهِمْ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، قَالَ: وَفِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ أَعْرَابِيٌّ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَرَمَى بِيَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: حَدِّثْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْهُمْ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: فَرَأَيْتُ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِشْرَ، فَقَالَ: "هُمْ عِبَادٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى وَقَبَائِلَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ أَرْحَامٌ يَتَوَاصَلُونَ بِهَا، وَلَا دُنْيَا يَتَبَاذَلُونَ بِهَا، يَتَحَابُّونَ بِرَوْحِ اللَّهِ، يَجْعَلُ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ نُورًا، وَيَجْعَلُ لَهُمْ مَنَابِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ قُدَّامَ الرَّحْمَنِ، يَفْزَعُ النَّاسُ وَلَا يَفْزَعُونَ، وَيَخَافُ النَّاسُ وَلَا يَخَافُونَ" (١).
وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ؟ فَقَالَ: الذين إذا رؤوا ذُكِرَ اللَّهُ" (٢).
وَيُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي وأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ" (٣).
﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٤) ﴾.
﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْبُشْرَى: رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، قَالَ: "هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ" (٤).

(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف: ١١ / ٢٠١-٢٠٢، والطبري: ١٥ / ١٢٢، والإمام أحمد في المسند: ٥ / ٣٤١، ٣٤٣، والمصنف في شرح السنة: ١٣ / ٥٠، وذكره في المصابيح: ٣ / ٣٧٩، وله شاهد من حديث ابن عمر أخرجه الحاكم وصححه: ٤ / ١٧٠-١٧١ وأقره الذهبي، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان برقم (٢٥٠٨) ص (٦٢١) من موارد الظمآن. ومن حديث عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود، وإسحاق بن راهويه، وهناد ١ / ٥٦٤، وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، وأبو نعيم. والبيهقي في الشعب. انظر: الدر المنثور: ٤ / ٣٧٢، الكافي الشاف ص (٨٤)، مجمع الزوائد: ١٠ / ٢٧٦-٢٧٩، الزهد للإمام هناد بن السري: ١ / ٥٦٤-٥٦٥ مع تعليق المحقق. والحديث إسناده صحيح بشواهده.
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص (٢٤٨-٢٤٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٣ / ٤٣٠. قال الهيثمي في المجمع: ١ / ٥٨ "رواه أحمد، وفيه رشدين بن سعد، وهو ضعيف، وذكره أيضا: ١ / ٨٩ من رواية الطبراني في الكبير، وقال: "فيه رشدين، وهو ضعيف". وانظر: الدر المنثور: ٤ / ٣٧١.
(٤) أخرجه الترمذي في الرؤيا، باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات: ٦ / ٥٥٤، وابن ماجه في الرؤيا، برقم (٣٨٩٨) : ٢ / ١٢٨٣، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي: ٢ / ٣٤٠، ٤ / ٣٩١، والدارمي في الرؤيا: ٢ / ١٢٣، والإمام أحمد في المسند: ٥ / ٣١٥، ٣٢١، والطيالسي ص (٧٩). قال ابن حجر: في فتح الباري: "ورواته ثقات إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة". وانظر: الكافي الشاف ص (٨٤).


الصفحة التالية
Icon