الْجِبَالُ وَالْبِحَارُ وَالْأَنْهَارُ وَالْأَشْجَارُ وَغَيْرُهَا، ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ﴾ الرُّسُلُ، ﴿عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ وَهَذَا فِي قَوْمٍ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ.
﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٣) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٤) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) ﴾.
﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ﴾ يَعْنِي: مُشْرِكِي مَكَّةَ، ﴿إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا﴾ مَضَوْا، ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ مِنْ مُكَذِّبِي الْأُمَمِ، قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي وَقَائِعَ اللَّهِ فِي قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّى الْعَذَابَ أَيَّامًا، وَالنَّعِيمَ أَيَّامًا، كَقَوْلِهِ: " وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ " (إِبْرَاهِيمَ -٥)، وَكُلُّ مَا مَضَى عَلَيْكَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَهُوَ أَيَّامٌ، ﴿قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾.
﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا﴾ قَرَأَ يَعْقُوبُ "نُنْجِي" خَفِيفٌ مُخْتَلِفٌ عَنْهُ، ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ مَعَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ مَعْنَاهُ: نَجَّيْنَا، مُسْتَقْبَلٌ بِمَعْنَى الْمَاضِي، ﴿كَذَلِكَ﴾ كَمَا نَجَّيْنَاهُمْ، ﴿حَقًّا﴾ وَاجِبًا، ﴿عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ "نُنْجِي" بِالتَّخْفِيفِ وَالْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ، وَنَجَّى وَأَنْجَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي﴾ الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ قَالَ: إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ، وَهُمْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ بُطْلَانَ مَا جَاءَ بِهِ؟.
قِيلَ: كَانَ فِيهِمْ شَاكُّونَ، فَهُمُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، أَوْ أَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوُا الْآيَاتِ اضْطَرَبُوا وَشَكُّوا فِي أَمْرِهِمْ وَأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ مِنَ الْأَوْثَانِ، ﴿وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ يُمِيتُكُمْ وَيَقْبِضُ أَرْوَاحَكُمْ، ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.
قَوْلُهُ: ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَمَلُكَ. وَقِيلَ: اسْتَقِمْ عَلَى الدِّينِ حَنِيفًا. ﴿وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾


الصفحة التالية
Icon