وَقَالَ مُجَاهِدٌ (١) : مَا جَاءَهَا مِنْ رِزْقٍ فَمِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرُبَّمَا لَمْ يَرْزُقْهَا حَتَّى تَمُوتَ جُوعًا.
﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ قَالَ ابْنُ مِقْسَمٍ (٢) : وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مُسْتَقَرَّهَا: الْمَكَانُ الَّذِي تَأْوِي إِلَيْهِ، وَتَسْتَقِرُّ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَمُسْتَوْدَعَهَا: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُدْفَنُ فِيهِ إِذَا مَاتَتْ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (٣) : الْمُسْتَقَرُّ أَرْحَامُ الْأُمَّهَاتِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ [الْمَكَانُ الَّذِي تَمُوتُ فِيهِ] (٤) [وَقَالَ عَطَاءٌ: الْمُسْتَقَرُّ: أَرْحَامُ الْأُمَّهَاتِ وَالْمُسْتَوْدَعُ: أَصْلَابُ الْآبَاءِ] (٥).
وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَعِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ (٦).
وَقِيلَ الْمُسْتَقَرُّ: الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ، وَالْمُسْتَوْدَعُ الْقَبْرُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ: "حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا" (الْفُرْقَانِ -٧٦).
﴿كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ أَيْ: كُلٌّ مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ أَنْ خَلَقَهَا.
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ قَبْلَ أَنْ خَلْقَ [السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ] (٧) وَكَانَ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ (٨).
قَالَ كَعْبٌ: (٩) خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَاقُوتَةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهَا بِالْهَيْبَةِ فَصَارَتْ مَاءً يَرْتَعِدُ، ثُمَّ خَلَقَ الرِّيحَ، فَجَعَلَ الْمَاءَ عَلَى مَتْنِهَا، ثُمَّ وَضَعَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ.
(٢) الطبري: ١٥ / ٢٤١-٢٤٢.
(٣) المرجع السابق.
(٤) في "ب": (أصلاب الآباء).
(٥) ساقط من "ب".
(٦) الطبري: ١٥ / ٢٤٢. والذي رجحه أن قوله تعالى: "ويعلم مستقرها" حيث تستقر فيه، وذلك مأواها الذي تأوي إليه ليلا أو نهارا "ومستودعها" الموضع الذي يودعها، إما بموتها فيه أو دفنها... لأن الله جل ثناؤه أخبر أن ما رزقت الدواب من رزق فمنه، فأولى أن يتبع ذلك أنه يعلم مثواها ومستقرها، دون الخبر عن علمه بما تتضمنه الأصلاب والأرحام. انظر: الطبري ١٥ / ٢٤١ و٢٤٣.
(٧) في "ب": (السماء).
(٨) أخرج ذلك عن ابن عباس: الطبري: ١٥ / ٣٤٩ وفي التاريخ كذلك: ١ / ٢١، وصححه الحاكم في المستدرك: ٢ / ٣٤١ ووافقه الذهبي.
(٩) كعب الأحبار من رواة الإسرائيليات ولم نجد من ذكر هذا غيره.