قَالَ ضَمْرَةُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَخَلَقَ الْقَلَمَ فَكَتَبَ بِهِ مَا هُوَ خَالِقٌ وَمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ سَبَّحَ اللَّهَ وَمَجَّدَهُ أَلْفَ عَامٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ (١)
﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ لِيَخْتَبِرَكُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ، ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ أَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَأَوْرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ تَعَالَى. ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ﴾ يَا مُحَمَّدُ، ﴿إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ﴾ أَيْ: ﴿مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ يَعْنُونَ الْقُرْآنَ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "سَاحِرٌ" يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨) وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) ﴾.
﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ إِلَى أَجَلٍ مَحْدُودٍ، وَأَصْلُ الْأُمَّةِ: الْجَمَاعَةُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إِلَى انْقِرَاضِ أُمَّةٍ وَمَجِيءِ أُمَّةٍ أُخْرَى ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ أَيُّ شَيْءٍ يَحْبِسُهُ؟ يَقُولُونَهُ اسْتِعْجَالًا لِلْعَذَابِ وَاسْتِهْزَاءً، يَعْنُونَ: أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ﴾ يَعْنِي: الْعَذَابَ، ﴿لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ﴾ لَا يَكُونُ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ نَزَلَ بِهِمْ، ﴿مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ أَيْ: وَبَالُ اسْتِهْزَائِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً﴾ نِعْمَةً وَسَعَةً، ﴿ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ﴾ أَيْ: سَلَبْنَاهَا مِنْهُ، ﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ﴾ قُنُوطٌ فِي الشِّدَّةِ، ﴿كَفُورٌ﴾ فِي النِّعْمَةِ.