﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (١٩) ﴾.
﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢) ﴾.
﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يَمْنَعُونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ، ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾.
﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَابِقِينَ. قَالَ قَتَادَةُ: هَارِبِينَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فَائِتِينَ. ﴿فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ يَعْنِي أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا يَحْفَظُونَهُمْ مِنْ عَذَابِنَا، ﴿يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ﴾ أَيْ: يُزَادُ فِي عَذَابِهِمْ. قِيلَ: يُضَاعَفُ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ لِإِضْلَالِهِمُ الْغَيْرَ وَاقْتِدَاءِ الْأَتْبَاعِ بِهِمْ.
﴿مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ﴾ قَالَ قَتَادَةُ: صُمٌّ عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ، وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ الْهُدَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ: " مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ " وَهُوَ طَاعَتُهُ، وَفِي الْآخِرَةِ قَالَ: " فَلَا يَسْتَطِيعُونَ "، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ.
﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ، ﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ يَزْعُمُونَ من شفاعة ١٧٤/أالْمَلَائِكَةِ وَالْأَصْنَامِ.
﴿لَا جَرَمَ﴾ أَيْ: حَقًّا. وَقِيلَ: بَلَى. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا مَحَالَةَ، ﴿أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ﴾ يَعْنِي: مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الْخَسَارِ (١).

(١) في "ب": (الخسارة).


الصفحة التالية
Icon