وَقَالَ قَتَادَةُ: ضَحِكَتْ مِنْ غَفْلَةِ قَوْمِ لُوطٍ وَقُرْبِ الْعَذَابِ مِنْهُمْ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: ضَحِكَتْ مِنْ خَوْفِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ ثَلَاثَةٍ [فِي بَيْتِهِ] (١) وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ خَدَمِهِ وَحَشَمِهِ.
وَقَالَ: ضَحِكَتْ سُرُورًا بِالْبِشَارَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَوَهْبٌ: ضَحِكَتْ تَعَجُّبًا مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ عَلَى كِبَرِ سِنِّهَا وَسِنِّ زَوْجِهَا.
وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الْآيَةُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، تَقْدِيرُهُ: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ، فَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ؟.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ﴾ أَيْ: مِنْ بَعْدِ إِسْحَاقَ، ﴿يَعْقُوبَ﴾ أَرَادَ بِهِ وَالِدَ الْوَلَدِ فَبُشِّرَتْ أَنَّهَا تعيش حتى ١٧٦/ب تَرَى وَلَدَ وَلَدِهَا قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ يَعْقُوبَ بِنَصْبِ الْبَاءِ، أَيْ: مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ. وَقِيلَ: بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيْ: وَوَهَبْنَا لَهُ [مِنْ وَرَاءُ] (٢) يَعْقُوبَ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الصِّفَةِ. وَقِيلَ: وَمِنْ بَعْدِ إِسْحَاقَ يَحْدُثُ يَعْقُوبُ، فَلَمَّا بُشِّرَتْ بِالْوَلَدِ ضَحِكَتْ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا، أَيْ: ضَرَبَتْ وَجْهَهَا تَعَجُّبًا.
(٢) ساقط من "ب".
﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣) ﴾.
﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى﴾ نِدَاءُ نُدْبَةٍ (١) وَهِيَ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا الْإِنْسَانُ عِنْدَ رُؤْيَةِ مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، أَيْ: يَا عَجَبًا. وَالْأَصْلُ يَا وَيْلَتَاهُ. ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ﴾ وَكَانَتِ ابْنَةَ تِسْعِينَ سَنَةً فِي قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تِسْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً. ﴿وَهَذَا بَعْلِي﴾ زَوْجِي، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَيِّمُ أَمْرِهَا، ﴿شَيْخًا﴾ ؛ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَكَانَ سِنُّ إِبْرَاهِيمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِائَةُ سَنَةٍ، وَكَانَ بَيْنَ الْبِشَارَةِ وَالْوِلَادَةِ سَنَةٌ، ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾.
﴿قَالُوا﴾ يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ، ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ مَعْنَاهُ: لَا تَعْجَبِي مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا كَانَ. ﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ أَيْ: بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قِيلَ: هَذَا عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالنِّعْمَةِ.