﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨) ﴾.
﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) ﴾.
﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ﴾ بَصِيرَةٍ وَبَيَانٍ، ﴿مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ حَلَالًا. وَقِيلَ: كَثِيرًا. وكان شعيب ١٧٧/ب عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثِيرَ الْمَالِ. وَقِيلَ: الرِّزْقُ الْحَسَنُ: الْعِلْمُ وَالْمَعْرِفَةُ. ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ أَيْ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَرْتَكِبُهُ. ﴿إِنْ أُرِيدُ﴾ مَا أُرِيدُ فِيمَا [آمُرُكُمْ بِهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ] (١) ﴿إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾ وَالتَّوْفِيقُ: تَسْهِيلُ سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ. ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ اعْتَمَدْتُ، ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أَرْجِعُ فِيمَا يَنْزِلُ بِي مِنَ النَّوَائِبِ. وَقِيلَ: فِي الْمَعَادِ.
﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ، ﴿شِقَاقِي﴾ خِلَافِي ﴿أَنْ يُصِيبَكُمُ﴾ أَيْ: عَلَى فِعْلِ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، ﴿مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ﴾ مِنَ الْغَرَقِ، ﴿أَوْ قَوْمَ هُودٍ﴾ مِنَ الرِّيحِ، ﴿أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ﴾ مِنَ الصَّيْحَةِ، ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا [حَدِيثِي عَهْدٍ بِهَلَاكِ] (٢) قَوْمِ لُوطٍ.
[وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَمَا دَارُ قَوْمِ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا جِيرَانَ قَوْمِ لُوطٍ] (٣).
﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ وللودود (٤) معنيان: أحدهما، أَنَّهُ مُحِبٌّ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمَوْدُودُ أَيْ مَحْبُوبُ الْمُؤْمِنِينَ. وَجَاءَ فِي الْخَبَرِ: إِنَّ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ خَطِيبَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (٥).

(١) في "ب": (أمرتكم به إلى ما أنهاكم عنه).
(٢) في "ب": (جيران).
(٣) ساقط من "ب".
(٤) في "ب" (وللود... ).
(٥) ذكره أبو الشيخ عن سفيان. انظر: فتح القدير للشوكاني: ٢ / ٥٢٢.


الصفحة التالية
Icon