صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ﴾ (١) الْآيَةَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ لِعِبْرَةً، ﴿لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ﴾ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ أَيْ: يَشْهَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
﴿وَمَا نُؤَخِّرُهُ﴾ أَيْ: وَمَا نُؤَخِّرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَلَا نُقِيمُ عَلَيْكُمُ الْقِيَامَةَ [وَقَرَأَ يَعْقُوبُ، وَمَا يُؤَخِّرُهُ بِالْيَاءِ] (٢) ﴿إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ﴾ [مَعْلُومٍ] (٣) عِنْدَ اللَّهِ.
﴿يَوْمَ يَأْتِ﴾ قُرِئَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا، ﴿لَا تَكَلَّمُ﴾ أَيْ: لَا تَتَكَلَّمُ ﴿نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ أَيْ: فَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الشَّقَاوَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ.
أَخْبَرْنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الطَّاهِرِيُّ، أَنْبَأَنَا جَدِّي أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّارُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ الدَّبَرِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا عَلَى جِنَازَةٍ فَبَيْنَا نَحْنُ بِالْبَقِيعِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِيَدِهِ مِخْصَرَةٌ، فَجَاءَ فَجَلَسَ، ثُمَّ نَكَتَ بِهَا الْأَرْضَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: "مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا قَدْ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ، إِلَّا وَقَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً"، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنِ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا أَهْلُ الشَّقَاءِ فَيُيَسِّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، وَأَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسِّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ"، قَالَ: ثُمَّ تَلَا ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ (٤) (اللَّيْلِ -١٠)

(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة هود، باب "وكذلك أخذ ربك... " ٨ / ٣٥٤، ومسلم في البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (٢٥٨٣) : ٤ / ١٩٩٧-١٩٩٨. والمصنف في شرح السنة: ١٤ / ٣٥٨.
(٢) ساقط من "ب".
(٣) ساقط من "ب".
(٤) أخرجه البخاري في الجنائز، باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله: ٣ / ٢٢٥، وفي تفسير سورة "والليل إذا يغشى" وفي الأدب وفي القدر، وأخرجه مسلم في القدر، باب كيفية الخلق الآدمي، برقم (٢٦٤٧) : ٤ / ٢٠٣٩-٢٠٤٠، والمصنف في شرح السنة: ١ / ١٣١-١٣٢.


الصفحة التالية
Icon