عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (١).
﴿يَا أَبَتِ﴾ قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ ﴿يَا أَبَتَ﴾ بِفَتْحِ التَّاءِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ عَلَى تَقْدِيرِ: يَا أَبَتَاهُ.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: ﴿يَا أَبَتِ﴾ بِكَسْرِ التَّاءِ لِأَنَّ أَصْلَهُ: يَا أَبَتْ، وَالْجَزْمُ يُحَرَّكُ إِلَى الْكَسْرِ.
﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ أَيْ نَجْمًا مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَنَصْبُ الْكَوَاكِبِ عَلَى التَّفْسِيرِ.
﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ وَلَمْ يُقِلْ رَأَيْتُهَا إِلَيَّ سَاجِدَةً، وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ مِنْ كِنَايَاتِ مَنْ يَعْقِلُ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ عَنْهَا بِفِعْلِ مَنْ يَعْقِلُ عَبَّرَ عَنْهَا بِكِنَايَةِ مَنْ يَعْقِلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ (النَّمْلِ -١٨).
وَكَانَ النُّجُومُ فِي التَّأْوِيلِ أَخَوَاتِهِ (٢)، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا يُسْتَضَاءُ بِهِمْ كَمَا يُسْتَضَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالشَّمْسُ أَبُوهُ، وَالْقَمَرُ أُمُّهُ. قَالَهُ قَتَادَةُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْقَمَرُ خَالَتُهُ، لِأَنَّ أُمَّهُ رَاحِيلَ كَانَتْ قَدْ مَاتَتْ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْقَمَرُ أَبُوهُ وَالشَّمْسُ أُمُّهُ؛ لِأَنَّ الشَّمْسَ مُؤَنَّثَةٌ وَالْقَمَرَ مُذَكَّرٌ.
وَكَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً حِينَ رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا.
وَقِيلَ: رَآهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَلَمَّا قَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ.

(١) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء - باب قول الله تعالى: "لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين": ٦ / ٤١٩، وفي تفسير سورة يوسف، باب "ويتم نعمته عليك": ٨ / ٣٦١، وفي المناقب أيضا: ورواه مسلم مختصرا، وأخرجه المصنف في شرح السنة: ١٣ / ١٢٦. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: ٤ / ١٥٢.
(٢) في "ب": إخوته.

﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) ﴾.
﴿قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَحْيٌ فَعَلِمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْإِخْوَةَ إِذَا سَمِعُوهَا حَسَدُوهُ فَأَمَرَهُ بِالْكِتْمَانِ، ﴿فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ فَيَحْتَالُوا فِي إِهْلَاكِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَهَا فَيَحْسُدُونَكَ. وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ "لَكَ" صِلَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ (الْأَعْرَافِ -١٥٤). وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ نَصَحْتُكَ وَنَصَحْتُ لَكَ، وَشَكَرْتُكَ وَشَكَرْتُ لَكَ. ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ أَيْ: يُزَيِّنُّ لَهُمُ الشَّيْطَانُ، وَيَحْمِلُهُمْ عَلَى الْكَيْدِ، لِعَدَاوَتِهِ الْقَدِيمَةِ.


الصفحة التالية
Icon